عثمان هذا، وإن كان غير الذي سبق ذكره فهو مجهول.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جرير مرفوعًا، بلفظ: "إنّ شهر رمضان معلّق بين السماء والأرض، لا يرفع إلا بزكاة الفطر".
رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (٨٢٤) وقال فيه: "محمد بن عبيد مجهول".
وزاد الحافظ في "اللسان" (٥/ ٢٧٦) فقال: "لا يتابع عليها".
٢ - باب أن فرض زكاة الفطر كان قبل فرض الزّكاة
• عن قيس بن سعد، قال: أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقةِ الفطر قبل أن تنزل الزّكاة، فلما نزلت الزّكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله.
صحيح: رواه النسائي (٢٥٠٩)، وابن ماجه (١٨٢٨) كلاهما من حديث وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن القاسم بن مُخيمرة، عن أبي عمار، عن قيس بن سعد، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٩٤) ومن هذا الوجه رواه الإمام أحمد (١٥٤٧٧) ولكنه اكتفى فيه بذكر صوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان، ولم يذكر فيه صدقة الفطر.
وإسناده صحيح وأبو عمار اسمه عَريب بن حُميد الدُّهني روى له النسائي وابن ماجه، قال الحافظ في التقريب: "ثقة".
ورواه الإمام أحمد (٢٣٨٤٠) عن يزيد بن هارون، أنبأنا سفيان الثوريّ، عن سلمة بن كهيل، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي عمار، قال: سألت قيس بن سعد عن صدقة الفطر، فقال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تنزل الزكاة، ثم نزلت الزكاة، فلم نُنه عنها، ولم نؤمر بها ونحن نفعله".
وسألته عن صوم عاشوراء، فقال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن ينزل رمضان، ثم نزل رمضان، فلم نؤمر به ولم ننه عنه، فنحن نفعله".
ورواه النسائي (٢٥٠٨) من طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن عمرو بن شرحبيل، عن قيس بن سعد بن عبادة قال: "كنا نصوم عاشوراء، ونودي زكاة الفطر، فلما نزل رمضان، ونزلت الزكاة لم نؤمر به، ولم ننه عنه، وكنا نفعله".
وقال: سلمة بن كهيل خالف الحكم في إسناده، والحكم أثبت من سلمة بن كهيل". انتهي.
قلت: والإسنادان صحيحان، وعمرو بن شرحبيل هو الهمداني أبو ميسرة -كما قال النسائي- وهو ثقة من رجال الشيخين.
فقول الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٦٨) بأنّ في إسناده راويًا مجهولًا فلعله ذهب إلى أن عمرو بن شرحبيل هو ابن سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاريّ، وهو "مقبول" عنده.
وقد ذهب بعضهم إلى القول بنسخ زكاة الفطر، ولا دليل لهم في ذلك، والذي عليه جمهور