• عن أبي بردة، قال: قال لي أبي: أتسمع مني؟ قلت: بلى، قال: فأتني به، فأتيتُه به، فمحاه ثم قال: احفظ كما حفظنا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
حسن: رواه البزّار (١٩٥ - كشف الأستار) عن نصر بن علي، أبنا أبي، ثنا شدّاد بن سعيد، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، قال (فذكر الحديث).
قال الهيثمي في "المجمع": "رجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كذلك إلّا أن فيه علّة، نبّه عليها البزّار فقال:"لا نعلم رواه هكذا إلّا شدّاد، وقد رواه خالد بن سلمة موقوفًا".
قلت: شدّاد بن سعيد أبو طلحة الرّاسبيّ من رجال مسلم وثّقه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما، فزيادته مقبولة، وإن كان خالد بن سلمة أيضًا من رواة مسلم وثقه أحمد وغيره.
وأمّا ما رُوي عن زيد بن ثابت، أنه دخل على معاوية، فسأله عن حديث، فأمر إنسانًا أن يكتبه، فقال له زيد:"إنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرنا أن لا نكتب شيئًا من حديثه" فمحاه. فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣٦٤٧) عن نصر بن علي، أخبرنا أبو أحمد، ثنا كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب، قال: دخل زيد بن ثابت على معاوية، فذكره.
ورجاله ثقات غير كثير بن زيد، فإنّ فيه كلامًا، لكن لا ينزل حديثه عن درجة الحسن.
ولكن فيه انقطاع بين المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب وبين زيد، فقد قال أبو حاتم:"رواية المطلب عن زيد بن ثابت مرسلة"، ووصفه ابن حجر بكثرة الإرسال والتدليس، واللَّه أعلم.
[٢٩ - باب ما جاء في جواز كتابة العلم]
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب: قيِّدوا العلمَ بالكتاب.
• عن أبي هريرة: أنّ خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث -عام فتح مكة- بقتيل منهم قتلوه، فأُخْبر بذلك النّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فركب راحلته فخطب، فقال:"إنَّ اللَّه حبس عن مكة القتلَ -أو الفيل شكّ أبو عبد اللَّه-، وسلَّط عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين، ألا وإنّها لم تحل لأحد قبلي، ولم تحلَّ لأحد بعدي، ألا وإنّها حلّت لي ساعةً من نهار، ألا وإنّها ساعتي هذه، حرامٌ، لا يُختلى شوكُها، ولا يُعْضد شجرُها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن قُتل فهو بخير النظرين: إمّا أن يُعْقَل، وإمّا أن يُقاد أهلُ القتيل". فجاء رجل من أهل اليمن، فقال: اكتُبْ لي يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال:"اكتبوا لأبي فلان". فقال رجل من قريش: إلّا الإذخرَ يا رسول اللَّه! فإنّا نجعله في بيوتنا وقبورنا؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إلا الإذخر، إلا الإذخر".