وأبداه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، ونزل عند منازله، لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت. قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من الشهوة الخفية والشرك" فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفرا، أو لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حدثنا:"إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب"؟ فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي لرجل، أو يصوم له، أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك. قالوا: نعم والله، إنه من صلى لرجل، أو صام له، أو تصدق له، لقد أشرك. فقال شداد: فإني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك" فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد إلى ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله، فيقبل ما خلص له، ويدع ما يشرك به؟ فقال شداد عند ذلك: فإني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن الله عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئا فإن حشده عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشركه به، وأنا عنه غني".
حسن: رواه أحمد (١٧١٤٠) واللفظ له، والطبراني في الكبير (٧/ ٣٣٧)، والحاكم (٤/ ٣٢٩)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٢٦٨ - ٢٦٩) كلهم من حديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الرحمن بن غنم يقول: فذكره.
إلا أن البعض لم يذكر فيه سماعه من عبد الرحمن بن غنم.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب غير أنه حسن الحديث، فقد وثّقه ابن معين وأحمد ويعقوب بن سفيان والبخاري وغيرهم، وتكلم فيه شعبة وأبو حاتم والنسائي وابن حبان وغيرهم، وسبب كلامهم أنه كان يخطيء كثيرا فإذا ثبت خطؤه ضعِّف وإلا فهو حسن الحديث.
وأما عبد الحميد بن بهرام فهو ممن ضبط حديث شهر بن حوشب إلا أنه لم يرتق إلى درجة الثقة فإنه حسن الحديث أيضا.
وقد حسّنه أيضا الهيثمي في المجمع (١٠/ ٥٣).
٧ - باب ما رُوي في وادي وجّ بالطائف
روي عن يعلى العامري: أنه جاء حسن وحسين يستبقان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضمهما إليه،