السّعديّ، قال النسائيّ: متروك. وأخرجه ابن حبان في المجروحين (١٢٣٢) بكامله في ترجمة يوسف بن عطية الصفار السّعديّ وقال: "كان ممن يقلب الأحاديث ويلزق المتون الموضوعة بالأسانيد الصحيحة، ويحدّث بما لا يجوز الاحتجاج به".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أمّ الطُّفيل امرأة أُبي بن كعب قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر أنه رأى ربَّه عزّ وجلّ في المنام في صورة شاب موفر في خضر على فراش من ذهب في رجليه نعلان من ذهب.
رواه الطبراني في الكبير (٢٥/ ١٤٣)، وابن أبي عاصم في السنة (٤٧١)، والبيهقيّ في الأسماء والصفات (٩٤٢)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ١٥)، كلّهم من طريق مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أمّ الطّفيل، فذكرته.
ومروان بن عثمان هو ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاريّ الزّرقيّ، قال أبو حاتم: "ضعيف". وقال النسائيّ: "مَنْ مروان بن عثمان حتى يُصدَّق على اللَّه؟ ! ". ذكره الذهبي في الميزان (٤/ ٩٢).
وقال مهنا: سألت أحمد عن هذا الحديث فحوّل وجهه عني وقال: "هذا حديث منكر، هذا رجل مجهول - يعني مروان".
قلت: ومع ضعفه في إسناده، فيه انقطاع أيضًا فإنّ عمارة بن عامر لا يعرف له سماع من أمّ الطّفيل، كما قال البخاريّ في التاريخ الكبير (٦/ ٣١١)، وأورده الشوكانيّ في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (١٢٧٦).
وذكر ابن حبان عمارة بن عامر في "ثقاته" (٥/ ٢٤٥) وقال: "يروي عن أمّ الطّفيل امرأة أبي بن كعب عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رأيت ربي" حديثًا منكرًا، لم يسمع عمارة من أمّ الطّفيل، وإنّما ذكرته لكي لا يغتر الناظر فيه فيحتج به من حديث أهل مصر".
واعتمد الهيثميّ في "المجمع" (٧/ ١٧٩) قول ابن حبان هذا ولم يزد عليه. وفي الباب عن الصّحابة الآخرين، ولا يصح منها إلا ما ذكرته وباللَّه التوفيق.
وخلاصة هذه الأبواب الثلاثة: لا خلاف بين أهل العلم بأنّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى اللَّهَ تبارك وتعالى في المنام، وفي المدينة، ورؤيا الأنبياء حقّ كما سبق، وجمهور السلف على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يره بعينيه ومن قال غير ذلك فقوله مؤول.
٥٢ - باب ما جاء من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حجابه النّور"
• عن أبي موسى قال: قام فينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بخمس كلمات: فقال: "إنّ اللَّه عزّ وجلّ لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عملُ اللّيل قبل عمل النّهار، وعمل النّهار قبل عمل اللّيل، حجابه النّور، لو كشفه لأحْرقتْ