وفي الباب عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استَغْنوا عن النّاس ولو بشوص سواك".
رواه البزّار -كشف الأستار (٩١٣) - عن عبد الواحد بن غياث، ثنا عبد العزيز بن مسلم، ثنا الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وفيه عنعنة الأعمش، وهو لم يسمع من سعيد بن جبير إِلَّا أربعة أحاديث، كما قال عليّ بن المدينيّ، وهذا ليس منها. انظر: تحفة التحصيل (ص ١٣٦).
[٣ - باب كراهية الإلحاف في المسألة]
قال الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: ٢٧٣].
• عن معاوية بن أبي سفيان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُلْحِفُوا فِي المَسْأَلَةِ، فَوَاللهِ لا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شيئًا فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شيئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ".
صحيح: رواه مسلم في الزّكاة (١٠٣٨) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو، عن وهب بن منبه، عن أخيه همّام، عن معاوية، فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن سفيان، عن عمرو بن دينار، حَدَّثَنِي وهب بن منبه -ودخلتُ عليه في داره بصنعاء فأطعمني من جَوْزَة في داره- عن أخيه منبه، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول (فذكره).
والإلحاف: الإلحاح، يقال: قد ألحف السائلُ في مسألته إذا ألحَّ، وهو أن يلازم المسؤول حتّى يعطيه.
• عن رجل من بني أسد أنه قال: نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيع الْغَرْقَدِ فَقَالَ لِي أَهْلِي اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ، وَجَعَلُوَا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلا يَسْأَلُهُ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "لا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ"، فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ! مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا".
قَالَ الأَسَدِيُّ: فَقُلْتُ: لَلَقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ ولَمْ أَسْأَلْهُ فَقُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
صحيح: رواه مالك في الصّدقة (١١) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني