للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصحيح عنه "نهى عن شرطين في بيع". كما مضى، ففي متنه نكارة؛ لأنه صح عن جابر وغيره جواز بيع وشرط، كما في الباب الآتي.

أحاديث هذا الباب ذات دلالات كثيرة في مسائل البيوع:

منها: أن الربح بمقابل الضمان، فأمر الشارع أن يقبض السلعة أولا؛ لتكون في ضمانه، ثم يبيعها.

ومنها: أنه يشمل بيع ما لا يملك على تسليمه مثل العبد الآبق، أو الجمل الشارد.

ومنها: أن البيع قبل القبض يؤدي إلى الخصام والتنازع؛ لأن القبض قد يتأخر، ويهلك المبيع.

ومنها: أنه يؤدي إلى القمر والميسر؛ لأن البائع قد يستفيد من رأس المال، والمشتري لم يستلم السلعة بعد، لأن البائع لم يقبضها حتى يسلمها إلى المشتري.

ويستثنى من هذا البيع، السلمُ الموصوف في الذمة، سواء كان مؤجلا أو حالا، وذلك لحاجة الناس إلى رأس المال لإنتاج السلعة الموصوفة، فأجاز الشارع بيع السلم؛ لئلا تعطل مصالح البائع والمشتري. وغالب التجارات اليوم قائمة على هذا الأساس وهو السلم.

وقد أشار الخطابي إلى هذا بقوله: "وقوله: "لا نبع ما ليس عندك" يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر. وذلك مثل أن يبيع عبده الآبق أو جمله الشارد، ويدخل في ذلك كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة، فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفًا على إجازة المالك، لأنه يبيع ما ليس عنده. ولا في ملكه، وهو غرر، لأنه لا يدري هل يجيز صاحبه أم لا؟ . انتهى.

[٤٤ - باب جواز بعض الشروط في البيع إذا لم تكن منافية للبيع]

• عن جابر بن عبد اللَّه أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيبه. قال: فلحقني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعا لي، وضربه، فسار سيرا لم يسر مثله. قال: "بعنيه بِوَقِيَّة". قلت: لا. ثم قال "بعنيه". فبعته بِوَقِيَّة، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي. فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت. فأرسل في إثري، فقال: "أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك ودراهمك فهو لك".

متفق عليه: رواه البخاري في الشروط (٢٧١٨)، ومسلم في المساقاة (٧١٥: ١٠٩) من طريق زكريا قال: سمعت عامرًا (هو الشعبي)، يقول: حدثني جابر بن عبد اللَّه فذكره. واللفظ لمسلم.

وزاد البخاري: قال شعبة، عن مغيرة، عن عامر، عن جابر: "أفقرني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظهره إلى المدينة".

وقال إسحاق، عن جرير، عن مغيرة: "فبعته على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة".

وقال عطاء، وغيره: "ولك ظهره إلى المدينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>