وقال ابن الجوزي:"إنه كتابٌ لم يُروَ على وجه الأرض كتابٌ في الحديث أعلى منه"(١). يعني به: شمولًا.
وبلغ عددُ أحاديثه حسب النسخة المطبوعة (٢٧٦٤٧) حديثا بتكرار الأسانيد، وبعد حذف الأسانيد يصفو نحو عشرة آلاف حديث بما فيه صحيح وضعيف، وأما الموضوع فلا، ولذا كان ابن الجوزي موضع النقد قديما وحديثا لأنه أدخل بعض أحاديث "المسند" في كتابه "الموضوعات"، فتعقّبه الحافظ العراقي في بعضها، وتعقّبه الحافظ ابن حجر في سائرها في كتابه "القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد". وذيّله السيوطي وسمّاه:"الذيل الممهد على القول المسدد"، وأنه أحسن انتقاءً من الكتب التي لم تلتزم الصحة مثل السنن الأربع وغيرها، وزاد فيه عبد اللَّه ابن أحمد أحاديث كثيرة عن مشائخه مما يُماثلُه ويشابِهُه وهو راوي المسند عن أبيه، ثم روى المسند عن عبد اللَّه بن أحمد أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي -نسبة على القطيعة في بغداد- (٢٧٤ هـ - ٣٦٨ هـ) وزاد فيه أربعة أحاديث رواها عن شيوخ متروكين، وفي أسانيدها رجال متهمون، وبهذا يتبيّن أن الوضع وقع في روايات القطيعي لا في نفس "المسند" إلا من اختفى أمرُه، ولم يظهر ضعفُه إلا بعد وفاة الإمام أحمد.
[عدد أحاديث المستدرك]
وكذلك إذا تدبّرنا صنيع من عمل على استدراك الأحاديث الصحيحة الزائدة على الصحيحين نجد أن أحاديث المستدرك على الصحيحين للحاكم (ت ٤٠٥ هـ) تبلغ ثمانية آلاف وثمانمائة وتسعة وثلاثين (٨٨٣٩) حسب النسخة المطبوعة، ولكن ثلثي الكتاب ليس على شرط الشيخين، ولا على شرط الصحيح، وإليه يشير الذهبي بقوله:
". . . . في المستدرك شيءٌ كثيرٌ على شرطهما، وشيءٌ كثيرٌ على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب، بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذاك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب،