يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة، فاشترى خبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فمكث عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته، قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذاك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قط خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قِطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه، فقال: دعوني أصلي ركعتين، ثم انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت، فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو، ثم قال: اللهم أحصهم عددًا، ثم قال:
ولست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله، وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا منه على شيء.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٨٦) عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريرة فذكره.
وقوله: عاصم بن ثابت الأنصاري - جد عاصم بن عمر بن الخطاب أي من جهة الأم، فقد قيل إن عمر بن الخطاب تزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت الأنصاري، فولدت له عاصم بن عمر بن الخطاب.
الذي قتل خبيبًا اسمه عقبة بن الحارث، وكنيته أبو سروعة كما ذكره البخاري (٣٩٨٩) وقد أسلم بعد ذلك، وله حديث في الرضاع.
[٢ - سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن في محرم سنة أربع]
ثم سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن، وهو جبل بناحية فيد به ماء لبني أسد بن خزيمة في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أنه بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعوانهم إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سلمة وعقد له لواء وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار، قال: سر حتى تنزل أرض بني أسد فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك