وفي الباب ما رُوي عن أبي بكرة، قال: كنّا عند النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقدم عليه وفدُ بني تميم، فيهم قيس ابن عاصم وعمرو بن الأهتم والزبرقان بن بدر، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمرو بن الأهتم: "ما تقول في الزبرقان بن بدر؟ "، فقال: يا رسول اللَّه! مطاع في ناديه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزبرقان: يا رسول اللَّه! إنه ليعلم مني أكثر مما وصفني به، ولكنه حسدني. فقال عمرو: واللَّه يا رسول اللَّه! إنّه ذامر المروءة، ضيق العطن، لئيم الخال، أحمق الموالد، واللَّه ما كذبت أولا، ولقد صدقت آخرا، ولكني رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أقبح ما علمت. فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكما".
رواه الحاكم (١/ ٦١٣) عن أبي منصور محمد بن علي الفارسيّ، ثنا أبو بكر محمّد بن شاذان الجوهريّ، ثنا سعيد بن سليمان القسيطي، ثنا عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن أبيه، عن أبي بكرة، فذكره.
وسعيد بن سليمان القسيطي أظنه هو النَّشيطيّ كما ذكره الذهبيّ في "الميزان" (٢/ ١٤٢) ونقل عن أبي زرعة أنه قال: "ليس بقوي، وقال أبو حاتم: فيه نظر، وقال أبو داود: لا أحدث عنه".
وكذلك ما رُوي عن بريدة بن الحصيب قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنّ من البيان سحرًا، وإن من العلم جهلًا، وإن من الشعر حكما، وإن من القول عيالًا".
فقال صعصعة بن صوحان: "صدق نبيُّ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. أما قوله: "إنّ من البيان سحرًا" فالرجل يكون عليه الحقّ وهو ألحنُ بالحُجج من صاحب الحقّ، فيسحر القومَ ببيانه فيذهب بالحق. وأما قوله: "إنّ من العلم جهلًا" فيتكلّف العالم إلى علمه ما لا يعلم فيُجهله ذلك. وأما قوله: "إن من القول عِيالًا" فعرضُك كلامَك وحديثك على من ليس من شأنه، ولا يريده.
رواه أبو داود (٥٠١٢) عن محمد بن يحيى بن فارس، حدّثنا سعيد بن محمد، حدّثنا أبو تُمَيلة، قال: حدثني أبو جعفر النحوي -عبد اللَّه بن ثابت- قال: حدثني صخر بن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل أبي جعفر النّحوي فإنه "مجهول" كما قال الحافظ في التقريب، وشيخه صخر بن عبد اللَّه "مقبول" كما في التقريب أي حيث يتابع، ولم يتابع فهو "ليّن الحديث".
[٥٣ - باب الترغيب في طلب العلم من الأكابر دون الأصاغر]
• عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "البركة مع أكابركم".
صحيح: رواه الطبرانيّ في الأوسط (٢١١ - مجمع البحرين) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد اللَّه بن المبارك، عن خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره. وصحّحه ابن حبان (٥٥٩)، والحاكم (١/ ٦٢) فروياه من طرق عن ابن المبارك، به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ ولم يخرجاه".