• عن ابن عباس قال: جاء أعرابِيٌّ إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فجعل يتكلّم بكلام، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ من البيان سحرًا، وإنّ من الشّعر حكمًا".
حسن: رواه أبو داود (٥٠١١)، والترمذيّ (٢٨٤٥)، وابن ماجه (٣٧٥٦) كلّهم عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكر الحديث، واللّفظ لأبي داود.
واكتفى الترمذيّ وابن ماجه بالجزء الثاني من الحديث.
قال الترمذيّ: "حسن صحيح". وصحّحه ابن حبان (٥٧٧٨).
قلت: هو حسن فقط؛ لأنه من رواية سماك عن عكرمة، وهو مضطرب فيه، ولكن تابعه الحكم ابن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس، ومن طريقه رواه الحاكم (٣/ ٦١٣)، ولفظه: "إنّ من البيان لسحرًا، إنّ من البيان لسحرًا".
وذكر قصّة الأعرابيّ الذي تكلّم أمام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وها أنا أسوق هذه القصّة:
عن ابن عباس، قال: جلس إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قيس بن عاصم، والزّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم التّميميون، ففخر الزّبرقان فقال: يا رسول اللَّه! أنا سيد تميم والمطاع فيهم، والمجاب فيهم أمنعهم من الظلم فآخذ لهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك -يعني عمرو بن الأهتم- فقال عمرو ابن الأهتم: واللَّه يا رسول اللَّه! إنّه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في ناديه، قال الزبرقان: واللَّه يا رسول اللَّه! لقد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم به إلا الحسد، قال عمرو: أنا أحدك: فواللَّه! إنّك لئيم الخال، حديث المال، أحمق الموالد، مضيّع في العشيرة، واللَّه يا رسول اللَّه! لقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت آخرًا، لكني رجل رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أقبح ما وجدت، ووالله! لقد صدقت في الأمرين جميعًا، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ من البيان لسحرًا، إنّ من البيان لسحرًا".
وقد روي عن أبي بكرة الأنصاري أنه حضر هذا المجلس.
أخرجه أبو زكريا العنبري، ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبيدة الوبَري (ح) وحدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، ثنا إبراهيم بن محمد بن إدريس المعقلي، قالا: ثنا علي بن حرب الموصلي، ثنا أبو سعد الهيثم بن محفوظ، عن أبي المقوم الأنصاريّ يحيى بن أبي يزيد، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس، فذكره.
ورواه البيهقي في الدلائل (٥/ ٣٠٦) من طريق أبي سعد الهيثم بن محفوظ بإسناده مثله.
والهيثم قال فيه الذهبي في الميزان: "لا يُدري من هو؟ ".
ولذا لم يجزم الحافظ بصحة هذه القصة فقال في "الفتح" (١٠/ ٢٣٧): "وقد زعم جماعة أنهما الزبرقان -بكسر الراء- واسمه الحصين، ولُقِّب الزبرقان لحسنه. . . واستندوا في تعينهما إلى ما أخرجه البيهقيّ في "الدلائل" وغيره من طريق مقسم، عن ابن عباس". فذكره مثله.