للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبل أن أذبح، قال: "اذبحُ ولا حرج". وقال: رميتُ بعد ما أمسيت، فقال: "لا حرج".

وفي رواية: قال رجل للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: زُرْت قبل أن أرمي، قال: "لا حرج". قال: "حلقتُ قبل أن أذبح؟ ". قال: "لا حرج". قال: ذبحتُ قبل أن أرمي، قال: "لا حرج".

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٣٤)، ومسلم في الحج (١٣٠٧) كلاهما من طريق وهيب، حدثنا عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، به، ولفظهما سواء.

والرواية الثانية عند البخاريّ في الحج (١٧٣٥) من طريق خالد بن مهران الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس.

والرواية الثالثة عند البخاري أيضًا في الحج (١٧٢٢) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.

قوله: "زُرت" أي طواف الزيارة، وهو طواف الإفاضة.

ورواه البيهقيّ (٥/ ١٤٢ - ١٤٣) من حديث إبراهيم بن طهمان، عن خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه قال (فذكر الحديث).

وزاد فيه: "فما علمته سئل عن شيء يومئذ إلا قال: "لا حرج" ولم يأمر بشيء من الكفارة" قال: هذا إسناد صحيح" انتهي.

قلت: هذا الحديث أخرجه أيضًا البخاريّ (١٧٢٣)، وأبو داود (١٩٨٣)، والإمام أحمد (١٨٥٨) كلّهم من أوجه أخر، عن خالد الحذاء، ولم يذكروا فيه: "ولم يأمر بشيء من الكفارة".

ولذا قال ابن التركمانيّ: "هذه الزيادة غريبة جدًا! لم أجدها في شيء من الكتب المتداولة بين أهل العلم، وشيخ البيهقيّ وشيخ شيخه لم أعرف حالهما بعد الكشف والتتبع، وأيضًا إبراهيم بن طهمان وإن خُرِّج له في الصحيح فقد تكلّموا فيه" وأطال الكلام فيه.

قلت: هذه الزيادة من حيث الفقه صحيحة، ولكن كثيرًا ما يتصرّف البيهقي رحمه الله في الصناعة الحديثية التي هي موضع النقد من أهل العلم، كما في هذه المسألة فقد قال جماعة من أهل العلم: إنّ التمسّك بظاهر هذه الأحاديث مخالف لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦].

ولذا قال ابن التركمانيّ: "وقد ترك أكثر الفقهاء العمل بعموم هذه الأحاديث، ونقل عن مالك أن من حلق قبل أن يرمي فعليه دم". وأطال الكلام فيه.

وقد توسّعت في بيان مذاهب العلماء في "المنة الكبرى" (٤/ ٢٦٧ - ٢٧٥)، وخلاصته أن من قدَّم نُسكًا على نسك سواء في ذلك كان ناسيًا، أو جاهلًا، أو عامدًا فلا شيء عليه؛ لأنّ وجوب الفدية يحتاج إلى دليل ولو كانت واجبة لبيّنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما قرّره الأصوليّون.

هذا رأي جمهور أهل العلم منهم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وداود الظاهريّ، وفقهاء أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>