فكان يقول: "لا حرج، لا حرج إلّا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم. فذلك الذي حرج وهلك".
صحيح: رواه أبو داود (٢٠١٥) ومن طريقه البيهقيّ (٥/ ١٤٦) وصححه ابن خزيمة (٢٧٧٤ (كلّهم من حديث جرير، عن أبي إسحاق (وهو الشيباني)، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، فذكره.
قال البيهقيّ: "هذا اللفظ: "سعيت قبل أن أطوف غريب! تفرّد به جرير عن الشيباني، فإن كان محفوظًا فكأنّه سأله عن رجل سعي عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فقال: لا حرج".
وتعقبه ابن التركمانيّ فقال: "هذه الصورة مشهورة، وهي التي فعلها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فالظاهر أنه لا يسأل عنها، وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف الإفاضة، وعموم قول الصحابي: "فما سئل عن شيء قدِّم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج" يدل على جواز ذلك، وهو مذهب عطاء والأوزاعي واختاره ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، وظهر بهذا أن الشافعي وأكثر العلماء تركوا العمل بعموم الحديث كما تقدم".
قلت: وما قاله ابن التركماني هو المتجه، وهو الذي فهمه أيضًا ابن خزيمة فبوّب بقوله: "إسقاط الحرج عن السّاعي بين الصّفا والمروة قبل الطّواف بالبيت جهلًا، بأن الطّواف بالبيت قبل السّعي" ثم ذكر الحديث. وبه قال أحمد في رواية إنْ كان ناسيًا.
قلت: إنّ الله قد علمَ بأن الحج سيكون فيه مشقة فوضع الحرج والضيق عن عباده، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدريّ.
ولأسامة بن شريك حديث طويل بإسناد صحيح. رواه الإمام أحمد (١٨٤٥٤) وغيره، وسيأتي في موضعه، وفيه: وسألوه عن أشياء هل علينا حرج في كذا وكذا؟ فقال: "عباد الله، وضع الله الحرج إلا امرأ اقترض امرأ مسلمًا ظلما، فذلك حرْج وهُلْك".
فكان أسامة بن شريك يحدث أحيانًا بجزء من الحديث كما سبق، وكما رواه الطحاويّ في شرحه (٢/ ٢٣٦) من وجه آخر عن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبو إسحاق الشّيبانيّ، بإسناده، وفيه: سئل عمن حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يحلق؟ فقال: "لا حرج" فلما أكثروا عليه قال: "يا أيّها النّاس، قد رفع الحرج إلا من اقترض من أخيه شيئًا ظلمًا فذلك الحرج".
فكلُّ شيء من تقديم وتأخير جاء في حديث أسامة بن شريك منصوصًا يحمل على الحقيقة بدون تأويل كذا وكذا.
• عن ابن عباس، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قيل له: في الذّبح، والحلق، والرّمي، والتّقديم والتّأخير، فقال: "لا حرج".
وفي رواية: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُسأل يوم النّحر بمنى فيقول: "لا حرج". فسأله رجلٌ، فقال: حلقتُ