• عن قتادة، قال: سألتُ أنسًا: كم حجَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: حجّة واحدة، واعتمر أربع عمر.
متفق عليه: رواه البخاريّ في العمرة (١٧٧٨)، ومسلم في الحج (١٢٥٣) كلاهما من طريق همّام، عن قتادة، فذكره. واللفظ لمسلم.
• عن جابر بن عبد الله، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حجّ ثلاث حجج، حجّتين قبل أن يهاجر، وحجّة بعدما هاجر، ومعها عمرة. فساق ثلاثة وستين بدنة، وجاء عليٌّ من اليمن ببقيتها، فيها جمل لأبي جهل في أنفه بُرّة من فضّة، فنحرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلّ بدنة ببعضه، فطُبختْ وشرب من مرقها.
صحيح: رواه الترمذي (٨١٥)، وابن ماجه (٣٠٧٦)، وصحّحه ابن خزيمة (٣٥٠٦) كلهم من حديث سفيان الثوريّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره. واختصره ابن خزيمة. هذا الحديث علّله الترمذيّ بعلّتين:
إحداهما: أنه لم يرو هذا الحديث إلا زيد بن الحباب، عن سفيان الثوريّ.
والثانية: نقل عن البخاريّ أنه لا يعرف حديث الثوري عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يرى هذا الحديث محفوظًا. وقال: "إنّما يروى عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلًا".
قلت: فأما العلة الأولى بأنه لا يروى هذا الحديث إلّا عن زيد بن الحباب. فأقول: زيد بن الحباب ثقة، وثّقه ابن المديني، والعجلي، والدارقطني، وابن حبان. وقال أبو حاتم: "صدوق صالح". ولكن قال ابن معين: كان يقلب حديث الثوريّ ولم يكن به بأس.
وقال ابن عدي: "له حديث كثير، وهو من أثبات مشائخ الكوفة، ممن لا يشك في صدقه. والذي قاله ابن معين عن أحاديثه عن الثوري إنما له أحاديث عن الثوري يستغرب بذلك الإسناد، وبعضها يتفرد برفعه، والباقي عن الثوري وغير الثوري مستقيمة كلها".
قلت: وملخص هذا الكلام أنه إذا انفرد برواية حديث عن الثوري، ولم يتابع عليه، فقد يكون أخطأ فيه.
وقد وجدنا لزيد بن الحجاب متابعًا، وهو ما رواه ابن ماجه (٣٠٧٦) عن القاسم بن محمد بن عبّاد بن عبّاد المهلّبي، قال: حدّثنا عبد الله بن داود، قال: حدّثنا سفيان، قال (فذكر الحديث). قيل له: من ذكره؟ قال: جعفر، عن أبيه، عن جابر.
وعبد الله بن داود هذا هو الهمداني أبو عبد الرحمن الخريبي، ثقة فاضل. وهي متابعة قوية لزيد ابن الحباب.