ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكتَابِ اللهِ واسْتَمْسِكُوا بِهِ". فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: "وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُم اللهِ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُم اللَّهِ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُم اللَّهِ فِي أَهْلِ بَيْتِي". فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِه يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِه مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُم؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيِّ، وَآلُ عِقيلٍ، وَآلُ جِعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
صحيح: رواه مسلم في فضائل الصّحابة (٢٤٠٨) من طرق، عن إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية، حدثني أبو حيان، حدّثني يزيد بن حيان فذكره.
ورواه من وجه آخر عن حسان بن إبراهيم، عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حبان، عن زيد ابن أرقم، وجاء فيه: "أَلا وَإِنِّي تَارِكٌ فيِكُمْ ثَقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَن اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلالَةٍ".
وَفِيهِ فَقُلْنَا: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ نِسَاؤُهُ؟ قَالَ: لا، وَأيْمُ اللهِ! إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِن الدَّهْرِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلّى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا؛ أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ.
وقوله: "آل علي، وآل عَقيل، وآل جعفر، وآل عباس" يعني به أولاد عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
ولعبد مناف أربعة أولاد وهم: هاشم، ومطلب، وعبد شمس، ونوفل.
واتفق العلماء على تحريم الصّدقة على أولاد بني هاشم، كما اتفقوا على جوازها على بني عبد شمس وبني نوفل ابني عبد مناف.
واختلفوا في بني المطلب بن عبد مناف:
فذهب أبو حنيفة إلى جوازها لهم، وذهب الشافعي إلى تحريمها، وعند أحمد روايتان.
ولعلّ دليل الشافعي هو حديث جبير بن مطعم (ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف)، الذي في صحيح البخاري (٣١٤٠)، قال: مشيتُ أنا وعثمان بن عفّان (ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم عنك بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنّما بنو المطّلب وبنو هاشم شيءٌ واحد".
واختلف في صدقة التطوّع، فالصّحيح أنّها أيضًا كانت محرّمة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن اجتنابها كان من دلائل النّبوة وعلاماتها كما جاء في حديث إسلام سلمان الفارسيّ رضي الله عنه، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخبره بأنه يأكل الهدية ولا يأكل الصّدقة، وهو عام في نوعي الصدقة فرضها ونقلها، بخلاف آله فهم في الشّرف دونه فحرم عليهم الفرض دون التّطوّع.