وقوله: "قال" أي: هشام بن عروة. وقوله: "قال أبي" أي: عروة بن الزبير.
فاختلف أهل العلم في هذا الجزء من الحديث؛ هل هو متصل أم معلق؟ فذهب الزيلعي وغيره إلى أنه معلق، وذهب الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٣٣٢) إلى أنه متصل، قال رحمه الله تعالى: "وادعى بعضُهم أن هذا معلق، وليس بصواب، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد، عن أبي معاوية، عن هشام. وقد بيّن ذلك الترمذي في روايته. وادّعى آخر أن قوله "ثم توضّئي" من كلام عروة موقوفًا عليه. وفيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: "ثم تتوضأ" بصيغة الإخبار، فلما أتي بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله: "فاغتسلي" انتهى.
هذا كلام جيد، وأبو معاوية لم ينفرد برواية زيادة قوله: "توضّئي ... " بل تابعه غيره، وإن كان أهل العلم قد اختلفوا في هذه الزيادة. انظر: كلام الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على جامع الترمذي.
ورواه أبو داود (٢٩٨) وابن ماجه (٦٢٤) كلاهما من حديث وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة .. وفيه: "أجتنبي الصلاة أيام محيضكِ، ثمَّ اغتسلي وتوضَّئي لكلِّ صلاةٍ وإن قطر الدم على الحصيرِ".
وحبيب بن أبي ثابت ثقةٌ، وثقه ابن معين، والنسائي، إلَّا أنَّه كان كثير الإرسال والتدليس. وقد يقال: إنَّه لم يسمع من عروة.
وضعَّف هذا الإسناد أبو داود كما سيأتي.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أنَّ المستحاضة تتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ.
• عن فاطمة بنت أبي حُبَيش أنها كانت تُستحاض، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان دمُ الحيضة - فإنه دم أسود يُعرف - فإذا كان ذلك فأمْسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضّئِي وصَلِّي؛ فإنما هو عرق".
حسن: رواه أبو داود (٢٨٦) قال: حدَّثنا محمد بن المثنى، حدَّثنا محمد بن أبي عدي، عن محمد - يعني ابن عمرو - قال: حدثني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حُبَيش، فذكرت الحديث.
قال أبو داود: وقال ابن المثنى: حدَّثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم حدَّثنا به بعدُ حفظًا، قال: حدَّثنا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن فاطمة كانت تُستحاض، فذكر معناه. فرجع الحديث إلى مسند عائشةَ.
ورجاله ثقات غير محمد بن عمرو بن علقمة؛ فإنه حسن الحديث إذا لم يخطئ.
وأمَّا حديث عدي بن ثابت عن أبيه، عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تدعُ الصلاةَ أيام أقْرائِها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضَّأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي" فهو ضعيف. رواه أبو داود (٢٩٧) والترمذي (١٢٦) وابن ماجه (٦٢٥) كلهم من طريق شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت.