وأقام ابن عمر باذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة.
ووفد سعد بن أبي وقاص إلى معاوية فأقام عنده شهرًا يقصر الصلاة، أو شهر رمضان فيفطر.
وعن الحسن قال: كُنَّا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يجمع، ولا يزيد على ركعتين.
وعن الحسن أيضًا أنه أقام مع أنس بن مالك بنيسابور سنتين فكان يصلي ركعتين ركعتين. انظر تخاريج هذه الآثار في "نصب الراية" (٢/ ١٨٥).
• عن جابر بن عبد الله قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يومًا يقصُر الصلاة. صحيح: رواه أبو داود (١٢٣٥) عن الإمام أحمد، وهو في مسنده (١٤١٣٩) عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر فذكره.
والحديث في "مصنف" عبد الرزاق (٤٣٣٥) ومن طريقه أخرجه بن حبان في صحيحه (٢٧٥٢)، والبيهقي (٣/ ١٥٢).
ورجال إسناده ثقات، إلا أن أبا داود أعلَّه قائلًا: "غير معمر يُرسله لا يسنده".
وقال البيهقي: "تفرَّد معمر بروايته مسندًا، ورواه علي بن المبارك وغيره عن يحيى عن ابن ثوبان، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا".
قلت: حديث علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة يُصلي صلاة المسافر ركعتين، رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٥٤) من طريقه.
قلت: والحديث روي من وجهين: أحدهما مسندًا. رواه معمر كما سبق.
والثاني: مرسلًا. رواه علي بن المبارك وغيره.
والحكم في هذه الحال لمن زاد حسب القواعد الحديثية. وقد نصّ البخاري وغيره أنّ زيادة الثقة مقبولة.
فليس كلّ تفرد يُعلّ به الحديث، فإن ذكر التفرد قد يكون من الإخبار دون الإعلال. مثل بيان الاختلاف على الراوي كما يفعله كثيرًا النسائي في كتابه "الكبرى"، و"المجتبى"، والدارقطني في "العلل" لأنّ أغلب السنن رويت من أوجه كثيرة، ودور المحدّث الفقيه هو اختيار ما صح منها كما فعل الإمام البخاري انتقى صحيحه من ستمائة ألف حديث وجلس فيه أكثر من خمس عشرة سنة، فليس كلُّ ما اختاره في "صحيحه" يعلّ بالأسانيد التي تركها.
وذكره النوويُّ فقال: "الحديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولا يقدح فيه تفرُّد معمر، فإنَّه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة". انظر: "الخلاصة" (٢٥٦٧، ٢٥٦٨).
قلت: وأقرَّه الزيلعيّ بعد أن نقل قوله هذا. انظر: "نصب الراية" (٢/ ١٨٦).