وقوله: {بِرَبِّ الْفَلَقِ} هو الله تعالى، لأنه هو الذي يقلب الليل والنهار.
وقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} أي: من شر جميع المخلوقات، لا سيما من إبليس وذريته.
وقوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)} الغاسق: وصف الليل إذا اشتدت ظلمته. يقال: غسق الليل يغسق، إذا أظلم، ومنه قوله: {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: ٧٨]
وقوله: {إِذَا وَقَبَ} إذا غاب، ومنه وقبت الشمس إذا غابت.
والمراد منه زيادة اشتداد ظلمة الليل.
وخص التعوذ بأشد أوقات الليل لانتشار الهوام والغول وذرية الشياطين فيها بكثرة.
• عن عائشة قالت: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فأراني القمر حين طلع، فقال: "تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب".
حسن: رواه أحمد (٢٤٣٢٣) والترمذي (٣٣٦٦) والحاكم (٢/ ٥٤٠) والبيهقي في الدعوات (٣١٤) وابن جرير في تفسيره (٢٤/ ٧٤٨) كلهم من حديث ابن أبي ذئب، عن الحارث، عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل الحارث وهو ابن عبد الرحمن القرشي العامري، خال ابن أبي ذئب، فإنه حسن الحديث، غير أن ابن المديني جهَّله، ويحمل هذا على قلة حديثه.
وقوله: النفث: هو النفخ، يفعله السحرة إذا وصفوا علاج سحرهم في شيء، وعقدوا عليه عُقدا، ثم نفثوا عليها.
والنفاثات: النساء الساحرات، يظهر من الآية الكريمة أن النساء يكثرن عمل السحر، لأن غالب سحرهم كان للتفريق بين الرجل وزوجته، وأن النساء لا شغل لهن بعد إعداد لوازم البيت، فيكثر اتجاههن إلى السحر للغرض المذكور، وكُنَّ معروفات في المجتمع الجاهلي بالسحر.
وقوله: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} الحسد: هو تمني زوال نعمة الغير، ويكثر ذلك في الرجال دون النساء، لأن الحاسد يسعى لإتلاف أسباب النعمة من المحسود. وجاء في الصحيح:
• عن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! اشتكيت؟ فقال: "نعم" قال: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك".
صحيح: رواه مسلم في السلام (٢١٨٦) عن بشر بن هلال الصواف، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.
وذلك عندما سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - من السحرة الحساد من اليهود، فعافاه الله وشفاه، ثم هو عام في الاستعاذة من شر كل حاسد إذا حسد.