ورواه مسلم في النكاح (١٤٠١) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، بمعناه.
• عن أبي جُحيفة قال: آخى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدّرداء، فزار سلمان أبا الدّرداء فرأى أم الدرداء متبذّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدّرداء يقوم، قال: نمْ، فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نَمْ. فلما كان آخر الليل قال سلمان: قمْ الآن. فصلّيا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صدق سلمان".
صحيح: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٦٨)، عن محمد بن بشّار، حدّثنا جعفر بن عون، حدّثنا أبو العُميس، عن عَون بن أبي جحيفة، عن أبيه، فذكره.
• عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون -واسمها خولة بنت حكيم- على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:"يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا".
صحيح: رواه عبد الرزاق (١٠٣٧٥) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: فذكرته.
ومن هذا الطريق رواه البزار - كشف الأستار (١٤٥٨) وابن حبان (٩) ولكن عن عروة وحده.
ورواه أحمد (٢٥٨٩٣) عن عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، قال: دخلت امرأة عثمان، فذكره مرسلًا.
وإليه أشار الهيثمي في المجمع (٤/ ٣٠١) بقوله: "وأسانيد أحمد رجالها ثقات إلا أن طريق "إن أخشاكم" أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات".
وأما ما قيل: لا رهبانية في الإسلام، فلم أجد له أصلا، وقد روي عن يزيد الفقير، عن جابر ابن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق لمن لا يملك، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا وصال في صيام، ولا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد حلم، ولا رهبانية فينا".
وفيه سعيد بن المرزبان البقال ضعيف جدًّا، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في المجروحين (٣٨٤)، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٦٤١): "هذا حديث لا يصح لأجل سعيد بن المرزبان البقال فإنه متروك". وأما ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعا:"ولا تكونوا كرهبانية النصارى" فهو ضعيف. رواه البيهقي (٧/ ٧٨) وفي إسناده محمد بن ثابت البصري، ضعفه أكثر أهل العلم.