حق" ثمّ قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠]{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر: ٢٢] يقول: حين تبؤوا مقاعدهم من النار.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٣٩٧٨)، ومسلم في الجنائز (٩٣٢) كلاهما من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه فذكره.
• عن ابن عمر قال: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القليب يوم بدر فقال: "يا فلان يا فلان! هل وجدتم ما وعدكم ربّكم حقًّا؟ أما والله! إنهم الآن يسمعون كلامي" قال يحيى: فقالت عائشة: غفر الله لأبي عبد الرحمن، إنه وَهِل، إنّما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله! إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم حق" وإن الله تعالى يقول: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: ٨٠]{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر: ٢٢].
حسن: رواه الإمام أحمد (٤٨٦٤) عن يزيد، أخبرنا محمد - يعني ابن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أنه حدثهم عن ابن عمر فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو فإنه حسن الحديث.
فقه الحديث:
إن ما فهمتْه عائشة المخالفة بين الآية والحديث هو الذي فهمه أيضًا بعض الصّحابة، لأنهم تعجبوا من قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان -وجيّفوا- قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ " فأجاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بأنهم يسمعون الآن. وهذا الحديث يدل على أنه حصل خرق العادة في هذه الحالة.
ولذا ثبت رجوع عائشة إلى قول هؤلاء لما رواه ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة وفيه: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" أخرجه أحمد بإسناد حسن كما قال الحافظ في "الفتح" (٧/ ٣٠٤).
قلت: وأما ما رواه الإمام أحمد (٢٥٧٢) فهو من طريق هُشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة أنها قالت: لما أمر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بأولئك الرهْطِ، فأُلقوا في الطوِيّ: عتبة وأبو جهل وأصحابه، وقف عليهم فقال: "جزاكم الله شرًّا من قوم نبي، ما كان أسوأَ الطرْدِ وأشد التكذيب" قالوا: يا رسول الله! كيف تكلم قومًا قد جيَّفوا؟ فقال: "ما أنتم بأفهم لقولي منهم، أو لهم أفهم لقولي منكم".
وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي قال الهيثميّ في "المجمع" (٦/ ٩٠): "رواه أحمد، ورجاله ثقات إِلَّا أن إبراهيم لم يسمع من عائشة، ولكنه دخل عليها" والله تعالى أعلم.