للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة، حتى يهبط بهما إلى الأرض، فننظر كيف قالوا: ربنا، هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما، فسألاه نفسها، فقالت: لا واللَّه، حتى تكلما بهذه الكلمة من الاشراك، فقالا: واللَّه لا نشرك باللَّه أبدًا، فذهبت عنهما، ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا واللَّه حتى تقتلا هذا الصبي، فقالا: واللَّه لا نقتله أبدًا، فذهبت، ثم رجعت بقدح خمر تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا واللَّه حتى تشربا هذا الخمر، فشربا، فسكرا، فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا، قالت المرأة: واللَّه ما تركتما شيئًا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتما حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

وموسى بن جبير هو الأنصاري ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/ ١٣٩) ولم يقل فيه شيئًا، فهو في عداد المجاهيل، وذكره ابن حبان في ثقاته (٧/ ٤٥١) وقال: "يخطئ ويخالف".

وقال البزار: "رواه بعضهم عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا، وإنما أتى رفع هذا الحديث عندي من زهير لأنه لم يكن بالحافظ".

قلت: وهو كذلك؛ فإن الثقات لم يرفعوه، وقد جاء موقوفًا أيضًا عن كعب الأحبار، وهو ما رواه عبد الرزاق في تفسيره (٩٧) عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار نحوه.

والخلاصة فيه كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: "وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد، والسدّي، والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم".

وقصّها خلقٌ من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل، إذْ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياف القرآن إجمال القصة من غير بسط، ولا إطناب فيها، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده اللَّه تعالى، واللَّه أعلم بحقيقة الحال" اهـ.

وقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} أي لم يتعلم السحر ولم يعلمه الناس.

وقوله: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} أي بتعليمهم السحر لاضلالهم وإغوائهم.

وقوله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} أي وكذلك أخذ اليهود السحر من الملكين هاروت وماروت مع أنهما قالا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} أي أن اللَّه جعلَنا لكم فتنة فلا تأخذوا منا السحر، ولكن لم يسمعوا، بل أخذوا منهم ما يفرّقون به بين المرء وزوجه.

وبهذا ظهر أن اليهود كانوا قد أخذوا السحر من الشياطين الذين همّهم الإضلال والإفساد كما أخذوا السحر من الملكين الكريمين امتحانا لتوافقه بأهوائهم وتركوا تعاليم الأنبياء والرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>