للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه". انتهى.

وأما ما روي عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أيها الناس من باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثلي لبنها -أو قال: مثل لبنها- قمحا". فهو ضعيف.

رواه أبو داود (٣٤٤٦)، وابن ماجه (٢٢٤٠)، والبيهقي (٥/ ٣١٩) كلهم من حديث عبد الواحد ابن زياد قال: حدثنا صدقة بن سعيد الحنفي قال: حدثنا جميع بن عمير التيمي قال: حدثنا عبد اللَّه ابن عمر فذكره.

وإسناده ضعيف من أجل جميع بن عمير التيمي، قال فيه البخاري: "فيه نظر". وقال ابن حبان: "رافضي يضع الحديث". إلا أن العجلي قال: "تابعي ثقة". وهو من تساهله، وحسن الترمذي بعض حديثه. وكذلك فيه صدقة بن سعيد الحنفي، ضعفه الساجي، وابن وضاح.

وفي الباب أيضًا ما روي عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تستقبلوا السوق، ولا تحفلوا، ولا يُنَفِّق بعضكم لبعض".

رواه الترمذي (١٢٦٨)، وأحمد وابنه عبد اللَّه (٣٣١٣)، وأبو يعلى (١٣٤٥)، والبيهقي (٥/ ٣١٧) كلهم من طريق أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

وسماك هو أبن حرب الكوفي ثقة، وثّقه ابن معين وغيره، ولكن ضعّفه جمهور أهل العلم في روايته عن عكرمة؛ فإنه مضطرب فيه، كما قال أحمد، وابن المديني، والعجلي، وابن المبارك، وغيرهم.

وأما الترمذي فقال: "حسن صحيح". كأنه لم يأخذ بهذه العلة.

وقال: "والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا بيع المحفلة، وهي المصراة، لا يحلبها صاحبها أياما ونحو ذلك؛ ليجتمع اللبن في ضرعها، فيغتر بها المشتري، وهذا ضرب من الخديعة والغرر".

قوله: "لا تصروا" بفتح التاء والصاد، ويأتي معناه اللغوي.

وفيه دليل على نهي التصرية، سواء قصد بها البيع أم لا؛ لما فيه من إيذاء الحيوان، وهو محرم. فإذا باع مع التصرية فإنه ارتكب المحظورين: إيذاء الحيوان، وغش المشتري. وما جاء بلفظ: "لا تصروا الإبل والغنم للبيع" فهو للغالب.

وقيل: إن النهي خاص بالبيع، ويجوز نصرية الحيوان لغير البيع.

وقوله: "فإن رضيها أمسكها" فيه دليل على صحة البيع مع التصرية إن رضي بها المشتري.

وقوله: "وصاعا من تمر" أي: ورد صاعا من تمر.

اختلاف أهل العلم واللغة في اشتقاق المصراة.

قال الشافعي: التصرية أن تربط أخلاف الناقة والشاة، وتترك من الحلب اليومين والثلاثة، حتى يجتمع لها لبن، فيراه المشتري كثيرا، ويزيد في ثمنها؛ لما يرى من كثرة لبنها، فإذا حلبها بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنتين عرف أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غرور للمشتري.

<<  <  ج: ص:  >  >>