هريرة مرفوعا بلفظ: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا".
رواه أبو داود (٣٤٦١)، وابن حبان (٤٩٧٤)، والحاكم (٢/ ٤٤)، والبيهقي (٥/ ٣٤٣)، كلهم من طريق يحيى بن زكريا فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
معنى الحديث:
"يشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه، كأنه أسلفه دينارا في قفيز إلى شهر، فلما حل الأجل، وطالبه بالبر قال له: بعني القفيز الذي لك علي بقفيزين إلى شهر، فهذا بيع ثان، قد دخل على البيع الأول، فصار بيعتين في بيعة، فيردان إلى أوكسهما، وهو الأصل، فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتناقضا الأول كانا مربيين".
وأما تفسير قوله: "بيعتين في بيعة" فقيل: تفسيره هو أن يقول البائع: بعتك بألف نقدا، وبألفين نسيئة، فاقبل أيهما شئت.
هذا تفسير الشافعي، وعلة التحريم فيه أنه يزيد الثمن بزيادة الأجل، وهو يشبه الربا. قاله الخطابي. وقيد بعضهم بأن يقبل على الإبهام.
أما لو قبل أحدهما جاز. حكي عن طاوس أنه قال: لا بأس أن يقول: هذا الثوب نقدا بعشرة، وإلى شهر بخمسة عشر، فيذهب به إلى أحدهما. أي اختار أحد البيعين قبل أن يفترقا فجاز.
ومن هذا النوع بيع التقسيط الذي لم يكن معروفا من قبل، فأجازه جمهور أهل العلم، وأفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية بشروط، منها: تحديد الثمن المؤجل، وعدد الأقساط، ومقدار كل قسط، وغيرها؛ لئلا يقع فيه النزاع.
والتفسير الثاني: هو أن يقول البائع: أبيعك على أن تبيعني، أي إذا وجب البيع لك عندي وجب لي عندك، فهو بيع فاسد.
والتفسير الثالث: أن يقول البائع: بعتك هذا الثوب بمائة ريال على أن تعطيني ثلاثين دولارا.
ولكن لو قال: تُعطيني ما يساوي مائة ريال من الدولار في سعر اليوم لجاز، كما كان ابن عمر بيع ويشتري بالدينار، ويدفع إليه الدراهم بسعر اليوم، فهو ليس من بيعتين في بيعة.
والتفسير الرابع: قالوا: من بيعتين في بيعة، كمن باع البيت والسيارة بثمن واحد، ولكن الصحيح أنه جائز، إنما هي صفقة واحدة جمعت شيئين بثمن معلوم، كما قال الخطابي.
ولكن إن وقع النزاع بين البائع والمشتري فيفسخ البيع كله لعدم تحديد ثمن كل مبيع. وباللَّه التوفيق.
• عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تبع بيعتين في بيعة".
صحيح: رواه الترمذي (١٣٠٩)، وابن ماجه (٢٤٠٤)، وأحمد (٥٣٩٥)، وابن الجارود (٥٩٩)،