وإسناده صحيح، وأبو مسلمة هو سعيد بن يزيد البصريّ ثقة من رجال الشّيخين، وشيخه أبو نضرة: هو المنذر بن مالك العبديّ من رجال مسلم.
وأمّا ما روي عن عبد اللَّه بن عمرو، أنّ رجلًا لبس حلَّةً مثل حلَّة النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أتى أهل بيت من المدينة، فقال: إنّ النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرني أيَّ أهل بيت شئتُ استطلعتُ، فقالوا: عهدنا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو لا يأمر بالفواحش، قال: فأعَدّوا له بيتًا، وأرسلوا رسولًا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبره، فقال لأبي بكر وعمر:"انطلقا إليه، فإن وجدتماه حيًّا فاقتلاه، ثم حرِّقاه بالنَّار، وإن وجدتماه قد كُفيتماه -ولا أراكما إِلَّا وقد كُفيتما- فحرّقاه". فأَتَيَاهُ، فوجداه قد خرج من اللّيل يبول، فلدغته حيّة أفعى فمات، فحرّقاه بالنّار، ثم رجعا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبراه الخبر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كذب عليّ متعمِّدًا، فليتبوّأ مقعده من النّار". فهو ضعيف.
رواه الطبرانيّ (مجمع البحرين - ٢٩١) عن أحمد، ثنا أبو طلحة موسى بن عبد اللَّه الخزاعيّ، ثنا أحمد بن إسحاق الحضرميّ، ثنا وهب بن خالد، ثنا عطاء بن السّائب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكر الحديث.
قال الطبرانيّ:"لم يروه عن عطاء إِلَّا وهيب، ولا عنه إِلَّا أحمد بن إسحاق، تفرّد به أبو طلحة".
قلت: أبو طلحة قد روى عنه النسائيّ، وقال:"لا بأس به".
وأحمد بن إسحاق الحضرميّ من الثّقات، ولكن العلة في رواية وهيب عن عطاء بن السّائب، فإنّ عطاء بن السّائب ممن اختلط وساء حفظه في آخر عمره، فرواية البصريين عنه فيها تخاليط لأنّه قدم عليهم في آخر عمره.
ووهيب بن خالد بصريّ، وقد روي عنه بعد الاختلاط.
قال أبو حاتم الرّازيّ في عطاء بن السائب:"كان محلّه الصّدق قديمًا قبل أن يختلط، صالح مستقيم الحديث، ثم بآخره تغيَّر حفظه، في حديثه تخاليط كثيرة، وقديم السماع من عطاء: سفيان، وشعبة. وفي حديث البصريين الذين يحدّثون عنه تخالط كثيرة؛ لأنّه قدم عليهم في آخر عمره، وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين، فرفعها إلى الصّحابة". "الجرح والتعديل"(٦/ ٣٣٤).
ولكن المرفوع منه فهو صحيح، وقد سبق تخريجه، وفي الجملة: فالحديث متواتر وقد ألف الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبرانيّ جزءًا ذكر فيه طرق حديث: "من كذب عليَّ متعمِّدًا" وتتبّع فيه ما رُوي عن عدد من الصّحابة فما صحّ منه ذكرته، ومنها ما لم يصح كحديث أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وطلحة بن عبيد اللَّه، وعمرو بن عبسة، وجابر، وأبي أمامة، وغيرهم.