للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أورده الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٣٧) من جهة الدارقطني وأقر ما قاله الدارقطني. قلت: وفيه بقية وهو مُدلِّس وقد عنعن.

وكذلك ما رُويَ عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في غزوة ذات الرِّقاع - فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فحلف أن لا أنتهي حتَّى أهريق دمًا في أصحاب محمد، فخرج يتبع أثر النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - منزلًا، فقال: "من رجل يكلؤنا؟ " فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال: "كونا بفم الشِّعب". قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يُصلِّي، وأتى الرجل، فلما رأى شخصه وعرف أنه رَبيئَةٌ للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فزعه حتَّى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبُه، فلما عرف أنهم قد نَذِروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أوَّل ما رمى؟ قال: كنت في سورة أقرأها؛ فلم أحبّ أن أقطعها.

فهو أيضًا ضعيف: أخرجه أبو داود (١٩٨) قال: حدَّثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدَّثنا ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، حدثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر، فذكر الحديث.

وإسناده ضعيف؛ فإنَّ عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي في الميزان: فيه جهالة؛ ما روى عنه سوى صدقة بن يسار. وفي التهذيب: وقد روى جابر البياضي عن ثلاثة من ولد جابر، عن جابر، فيحصل لنا راو آخر وإن كان ضعيفًا عن عقيل مع صدقة، لأن جابرًا له ثلاثة أولاد رووا الحديث. هذا، وعبد الرحمن، ومحمد. انتهى

وبهذا يرفع عنه جهالة العين ويبقى فيه جهالة الحال.

ونقل الحافظ تصحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم له.

قلت: وهو في صحيح ابن خزيمة (١/ ٢٤ رقم ٣٦)، وبه بوَّب "أن خروج الدم من غير مخرج الحدث لا يوجب الوضوء"، وابن حبان (١٠٩٦) والحاكم (١/ ١٥٦ - ١٥٧) وأحمد (١٤٧٠٤ و ١٤٨٦٥) كلهم من طريق محمد بن إسحاق به، وهو في تهذيب ابن هشام (٣/ ٢١٨ - ٢١٩) ومداره على عقيل بن جابر، وهو مجهول الحال كما سبق. إلَّا أن الحاكم صحّحه.

وقد ذكره أيضًا البخاري تعليقا في صحيحه (١/ ٢٨٠) ولكن بصيغة التمريض قائلًا: "يذكر عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع ... ". فالظاهر أنه لم يصحّ عنده، ولكن ذكر البخاري عددا من الآثار، منها قول الحسن: ما زال المسلمون يُصلون في جراحاتهم. وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء. وبوَّب بقوله: "من لم ير الوضوء إلَّا من المَخْرجَين من القُبُل والدُّبُر".

قلت: لما رأيت تبويب البخاري وذكره عددًا من الآثار - وكذا ما فعله البيهقي رحمه الله في

<<  <  ج: ص:  >  >>