وروح منه، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم عيسى -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر له ذنبًا- نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. فيأتوني فيقولون: يا محمّد، أنت رسولُ اللَّه وخاتم الأنبياء وغفر اللَّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، اشْفَعْ لنا إلى ربّك ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فأنطلقُ فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي ثم يفتح اللَّه عليَّ ويُلهِمُني من محامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفْتَحْه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفعْ رأسك سَلْ تُعْطَهْ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فارفع رأسي فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي، فيقال: يا محمّد أدخل الجنّة من أمّتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧١٢)، ومسلم في الإيمان (١٩٤) كلاهما من حديث أبي حيان التّيميّ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، فذكر الحديث. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاريّ قريب منه غير أنه ذكر: "نفسي نفسي نفسي" ثلاث مرّات.
• عن مَعبد بن هلال العنزِيّ قال: انطلقْنا إلى أَنس بن مالك وتشفّعنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلي الضُّحى، فاستأذن لنا ثابتٌ فدخلنا عليه، وأجلس ثابتًا معه على سريره، فقال له: يا أبا حمزة، إنّ إخوانك من أهل البصرة يسألونك أنْ تُحدِّثهم حديثَ الشَّفاعةِ قال: حدّثنا محمّد -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان يومُ القيامة ماج النّاسُ بعضهم إلى بعضٍ، فيأتون آدمَ فيقولون له: اشْفَعْ لذُرِيِّتِك، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السّلام فإنه خليلُ اللَّه. فيأتون إبراهيم، فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بموسى عليه السّلام فإنه كليم اللَّه، فيُؤْتَى موسى فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السّلام، فإنه روح اللَّه وكلمه، فيؤتى عيسى فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بمحمّد -صلى اللَّه عليه وسلم- فأُوتَى، فأقول: أنا لها فأنطلق فأستأذن على ربّي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه اللَّهُ ثم أَخِرُّ له ساجدًا فيقال لي: يا محمّد ارْفَعْ رأسك، وقُلْ يُسْمَعُ لك، وَسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ. فأقول: ربّ أمّتي أمّتي! فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبّة من بُرّة أو شعيرة من إيمان فأخرِجْهُ منها فأنطلق فأفعلُ، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك