وإسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو عُشَّانة هو حيُّ بن يؤمِن المصري، مشهور بكنيته، وثقه أحمد وابن معين وغيرهما. وقد صحّحه ابن حبان (٢٥٥٥)، ورواه من هذا الوجه.
والحديث رواه أيضًا الإمام أحمد في مواضع أُخرى، ولكن فيه ابن لهيعة. انظر:(١٧٤٥٨)، ولكن في بعض طرقه روى عنه عبد الله بن المبارك، وهو ممن سمع منه قديمًا، وروايته عنه صحيحة. وفي الباب أحاديث أُخرى. انظر: صلاة الليل.
وأما ما رُوِي عن عبد الله الصُنابحي مرفوعًا بلفظ:"إذا توضأ العبدُ المؤمن فتمضمض، خرجتِ الخطايا من فيه، وإذا استشر خرجتي الخطايا من أنفه. فإذا غسل وجهَه خرجتِ الخطايا من وجهه، حتَّى تخرجَ من تحت أشْفار عينيه. فإذا غسل يديه خرجتِ الخطايا من يديه حتَّى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجتي الخطايا من رأسه حتَّى تخرجَ من أُذنيه. فإذا غسل رجليه خرجتِ الخطايا من رجليه حتَّى تخرج من تحت أظفار رجليه قال: "ثم كان مشيُه إلى المسجد وصلاته نافلة له".
رواه مالك في الطهارة (٣٠) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصُنابحي فذكر مثله.
ورواه النسائي (١٠٣) من طريق مالك به، وابن ماجه (٢٨٢) من وجه آخر عن زيد بن أسلم به مثله.
والصواب أن الحديث مرسل، فإنَّ عبد الله الصُنابحي من التابعين.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢/ ١٩٠): "قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي فذكر الحديث. فقال لي: وهم مالك في قوله: عبد الله الصُنابحي، وإنما هو أبو عبد الله، واسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، ولم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. والحديث مرسل".
قال ابن عبد البر: "هو كما قال البخاري". ونقل في "التمهيد" (٤/ ٣ - ٤) عن ابن معين: أن أحاديثه مرسلة ليست له صحبة. ثم قال: "صدق يحيى بن معين، ليس في الصحابة أحد يقال له عبد الله الصُنابحي" وإنما في الصحابة الصنابح الأحمسي، وهو الصُنابح بن الأعسر كوفي، روى عنه قيس بن أبي حازم أحاديث، منها حديثه في الحوض، ولا في التابعين أيضًا أحد يقال له: عبد الله الصُنابحي، فهذا أصح قول من قال إنه: أبو عبد الله، لأن أبا عبد الله الصُنابحي مشهور في التابعين، كبير من كبرائهم، واسمه: عبد الرحمن بن عُسيلة، وهو جليل، كان عبادة بن الصامت كثير الثناء عليه" انتهى.
فهؤلاء ثلاثة وهم يحيى بن معين والبخاري وابن عبد البر من أساطين هذا الفن شهدوا على أن عبد الله الصُنابحي هو: أبو عبد الله الصُنابحي من التابعين وحديثه مرسل. وإن مالكًا وهم فجعله صحابيًّا.