وفي رواية سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبد الله: فغسل وجهه ويديه حتَّى كاد يبلُغ المنكبين.
ولكن أبدى نُعيم بن عبد الله الشك في قوله: "من استطاع أن يُطيل غرته فليفعل" من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو من قول أبي هريرة.
رواه الإمام أحمد (٨٤١٣ و ١٠٧٧٨) من طريق فُلَيح بن سليمان، عنه.
وقال الحافظ في الفتح (١/ ٢٣٦): "ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نُعيم هذه".
وقال الحافظ المنذريّ في الترغيب والترهيب (٢٨٦): "وقد قيل: إنّ قوله: "من استطاع ... إلخ" إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفّاظ، والله أعلم".
وذكر نحوه الحافظ ابن القيم في حادي الأرواح (١/ ٣١٦)، ثم نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقول: "هذه اللّفظة لا يمكن أن تكون من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنّ الغرّة لا تكون في اليد، لا تكون إلّا في الوجه، وإطالتُه غير ممكنة، إذ تدخل في الرأس فلا تسمّى تلك غرّة" اهـ.
ولكن اختيار الشيخين رواية سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله دليل على صحة هذه الزيادة عندهما، وتابعه على ذلك عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري عند مسلم، ورواه الإمام أحمد (٢/ ٣٦٢) من طريق ليث بن أبي سُليم، عن كعب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم الغر المحجَّلُون يوم القيامة من آثار الوضوء والطهور، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّتَه فليفعل" إلَّا أن ليث بن أبي سليم ضعيف وكعب هو: أبو عامر المديني فإنه لم يوثقه إلَّا ابن حبان ورواه الطبراني في "الأوسط" من طريق ابن الحُوَيْرِث، عن نعيم بدون شك.
ونُعيم نفسه تردد فروى مرة باليقين، وأُخرى بالشك، فيؤخذ بقول مَن روى عنه باليقين وهم سعيد بن أبي هلال، وعُمارة بن غَزِيَّة، وليث بن سليم، وابن الحُوَيْرِث.
وعليه فإن صحّت هذه الزّيادة، فالغرّة يحتاج إلى تأويل فراجع في ذلك ما ذكره الحافظ في الفتح.
وقوله في الحديث (غُرًّا مُحَجَّلين) الغُرّة والتحجيل: بياض في وجه الفرس وقوائمه، وذلك مما يحسنه ويزيّنه، فاستعاره للإنسان، وجعل أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين، كالبياض الذي هو للفرس، ولذلك قال بإسباغ الوضوء؛ فإنه يزيد التحجيل ويطيله.
وتطويل الغرة والتحجيل المقصود منه القدر الزائد على الجزء الذي يجب غسله.
قال ابن القيم في زاد المعاد ١/ ١٩٦: "وأما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه غسل يديه حتى أشرع في السّاقين، فهو إنّما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة".
• عن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمدّ يده حتَّى تبلغ إبْطَه، فقلت له: ما هذا يا أبا هريرة؟ فقال: يا بَني فَرُّوخَ! أنتم ههنا؟ لو