وقد صرَّح بالتحديث عند الحاكم، فقال: حدَّثني بَحير. كذا قال ابن التركماني، ولم أجده في المستدرك.
ثمَّ قال ابن التركماني: فكان الوجه أن يُخرجه البيهقي من طريق الحاكم ليسلم الحديث من تُهمة بقية.
وقال الحافظ في تلخيصه (١/ ٩٦): "قال الأثرم: قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؟ ، قال: نعم، فقلت: إذا قال رجل من التابعين؛ حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمه، فالحديث صحيح؟ قال: نعم.
وأعله المنذري بأن فيه بقية قال: عن بحير، وهو مُدلِّس، لكن في المسند (١٥٤٩٥) والمستدرك تصريح بقية بالتحديث، وفيه عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وقال ابن المديني: بقية صالح فيما روى عن أهل الشام، وأما عن أهل الحجاز والعراق فضعيف جدًّا.
قلت: بَحير شامي. قال الإمام أحمد: "ليس بالشام أثبت من حريز إلَّا أن يكون بَحيرًا".
وأما قول خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه الحاكم (٢/ ٦٠٠): خالد بن معدان من خيار التابعين صحب معاذ بن جبل فمن بعده من الصحابة، فإذا أسند حديثًا إلى الصحابة فإنه صحيح الإسناد وإن لم يخرجاه. انتهى.
فيه رد على قول البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٨٣) بعد أن أخرج الحديث من طريق أبي داود: وقال: وهو مرسل، وروي في حديث موصول. قال ابن التركماني: تسمية هذا مُرسَلًا ليس بجيد؛ لأن خالدًا هذا أدرك جماعة من الصحابة، وهم عدول؛ فلا يضرهم الجهالة. انتهى.
• عن ابن مسعود قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسباغ الوضوء.
حسن: رواه ابن خزيمة (١/ ٩٠ رقم ١٧٦) من طريق سفيان، عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله - وهو ابن مسعود - عن أبيه، فذكر الحديث.
وإسناده حسن؛ فإنَّ سماكامختلف فيه ولكن رواية سفيان عنه صحيحة كما قال يعقوب بن شيبة: "روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم".
ورواه أيضًا البزار كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٤/ ٨٤).
ثم اعلم رحمك الله أن حديث ابن مسعود بهذا الإسناد رُوِي جزء منه مرفوعًا منه: إسباغ الوضوء، وجزء منه موقوفًا مثل: لا تصلح سفْقتان في سفْقةٍ. وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب البيوع.
وأحاديث الباب تدل على وجوب الموالاة في الوضوء، وإليه ذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه، والقول الثاني عنده أن الموالاة مستحبة. انظر: ما كتبته مُفصَّلًا في "المنة الكبرى" (١/ ١٦٦, ١٦٧).