قوله: "وانضحْ فرْجك" أي الثوب الذي أصابه المذي يكفيه فيه رَشُّ الماء قليلا، وبه قال أحمد، وقال الشافعي: "لا يجزئ إلا الغَسْل" انظر للمزيد: المنة الكبرى (١/ ٣٠ - ٣٢).
وأما ما رواه مالك في الطهارة (٥٣) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه: "إذا وجد أحدكم فلينضح فرْجَه بالماء، وليتوضأ وضوءَه للصلاة" فهو منقطع، لأن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي، وبين سليمان بن يسار وعلي - ابن عباس كما في إسناد مسلم.
• عن سهل بن حُنيف قال: كنتُ ألقَى من المذي شدّة، وكنت أُكثِرُ من الاغتسال، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "إنما يجزيك من ذلك الوضوء" قلت: يا رسول الله! فكيف بما يُصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك بأن تأخذ كفًّا من ماءٍ، فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه".
حسن: رواه أبو داود (٢١٠) والترمذي (١١٥) وابن ماجه (٥٠٦) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، حدثني سعيد بن عبيد السباق، عن أبيه، عن سهل بن حُنيف، فذكره.
وصححه ابن خزيمة (٢٩١) وابن حبان (١١٠٣)، كلاهما من هذا الوجه.
ورجاله ثقات غير ابن إسحاق؛ فهو صدوق، وهو مُدلِّس إلَّا أنه صرح بالسماع.
قال الترمذي: حسن صحيح، ولا نعرفه إلَّا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا.
• عن عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عما يُوجِبُ الغُسْل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: "ذاك المَذي، وكل فَحْل بَمذي، فتَغْسِلُ من ذلك فرجَك وأُنثَييك، وتَوَضَّأ وضوءَك للصلاة".
حسن: رواه أبو داود (٢١١) قال: حدَّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عبد الله بن وهب، حدَّثنا معاوية - يعني ابن صالح - عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، فذكر الحديث.
إسناده حسن ورجاله ثقات غير حرام بن حكيم؛ فوثقه العجلي والدراقطني، وضعَّفه غيرهما، غير أنه لا ينزل عن درجة "صدوق". وأما الحافظ فجعله في درجة "ثقة".
ثم اعلم أن هذا الحديث جزء من الحديث الذي يرويه عبد الله بن سعد الأنصاري، والجزء الآخر من الحديث أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال: "لك ما فوق الإزار" وذكر مؤاكلة الحائض أيضًا.
هكذا يراه أبو داود، فإنه أوَّلًا روي حديث إبراهيم بن موسى كما سبق، ثم روى عن هارون بن محمد بن بكار، ثنا مروان - يعني ابن محمد - ثنا الهيثم بن حميد، ثنا العلاء بن الحارث، عن حرام