فأفرغت عليه الإدارة، فغسل وجهه ويديه، وعليه جبّة من صوف، فلم يستطعْ أن يخرج ذراعيه منها، حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ثم مسح برأسه، ثم أهويتُ لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما.
متفق عليه: رواه البخاري في اللباس (٥٧٩٩)، ومسلم في الطهارة (٢٧٤: ٧٩) كلاهما من طريق زكريا، عن عامر، أخبرني عروة بن المغيرة، عن أبيه، فذكره.
تنبيه: رواه مالك في الطهارة (٤١) عن ابن شهاب، عن عبّاد بن زياد - من ولد المغيرة بن شعبة - عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة فذكر الحديث.
ولم يورد الشيخان رواية مالك في صحيحيهما، وإنما أوردا من أوجه أُخرى مُختصرًا ومفصلا؛ وذلك - والله أعلم - لما وقع من الوهم من مالك في إسناده في موضعين كما قال الدارقطني: أحدهما قوله: عباد من ولد المغيرة، والصواب هو مولى المغيرة، قاله الشافعي ومصعب الزبيري وغيرهما، والثاني: إسقاط عروة وحمزة ابني المغيرة. انتهى.
لأن عبّادا لم يسمع من المغيرة ولا رآه، وإنما يرويه الزهري عن عبّاد، عن عروة وحمزة ابني المغيرة، عن أبيهما، وربما حدّث الزهريّ به عن عروة وحده دون حمزة. وله طرق أُخرى عن المغيرة بن شعبة. انظر للمزيد:"المنة الكبرى"(١/ ١٧٠ - ١٧١).
وفي رواية عند مسلم قال:"دعهما! فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما". وفي رواية عنده:"فمسح على الخفين ومقدِّم رأسه، وعلى عمامته". وفي رواية عنده:"ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه". ولفظ النسائي (١٠٩) قال المغيرة بن شعبة: "خصلتان لا أسأل عنهما أحدًا بعد ما شهدتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: كنا معه في سفر، فبرز لحاجته، ثم جاء فتوضأ، ومسح بناصيته وجانبي عمامته، ومسح على خفيه، قال: وصلاة الإمام خلف الرجل عن رعيته، فشهدت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان في سفر فحضرت الصلاة، فاحتبس عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقاموا الصلاة وقدموا ابن عوف فصلي بهم، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلي خلف ابن عوف ما بقي من الصلاة، فلما سلم ابن عوف قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى ما سُبق به".
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث "مسح على الخفين والعمامة": وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو بكر وعمر وأنس، وبه يقول الأوزاعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على العمامة. وقال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين: لا يمسح على العمامة إلَّا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي. قال: وسمعت الجارود بن معاذ يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: إنْ مسح على العمامة يجزئه للأثر. انتهى
ونقل الخطابي عن الإمام أحمد في المسح على العمامة بأنه جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من خمسة أوجه،