وفيه: تعظيمٌ عظيمٌ من عمرَ لسعيدٍ.
وفيه: أن الصحابي القديم الصحية قد يخفى عليه من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره؛ لأن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكثرة روايته.
روي مالك في الطهارة (٤٢) عن نافع وعبد الله بن دينار، أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعد: سَلْ أباك إذا قدمت عليه، فقدم عبد الله، فنسي أن يسأل عمر عن ذلك، حتَّى قدم سعد فقال: أسألت أباك؟ فقال: لا، فسأله عبد الله، فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامْسح عليهما.
قال عبد الله: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ فقال: نعم وإن جاء أحدكم من الغائط. انظر للمزيد: "فتح الباري" (١/ ٣٠٦).
• عن بلال بن رباح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار.
صحيح: رواه مسلم في الطهارة (٢٧٥)، من طريق الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة، عن بلال .. فذكره.
والمراد بالخمار: العمامة، كما في سنن أبي داود (١٥٣): يمسح على عمامته وموقيه.
والموق: نوع من الخفاف معروف، وساقه إلى القصر.
وبعض أهل العلم ذكروا هذا الحديث في مسند أسامة بن زيد؛ فإنه قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلال الأسواق، فذهب لحاجته ثم خرج، قال أسامة: فسألت بلالًا ما صنع؟ فقال بلال: ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم صلَّى. رواه النسائي (١٢٠) من حديث ابن نافع، عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد.
ورجاله ثقات غير ابن نافع، وهو: عبد الله بن نافع بن أبي نافع الصائغ، قال الحافظ: "ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين".
والصواب أن يكون هذا الحديث من مسند بلال؛ لأنه هو راوي الحديث، وإن كان أسامة قد حضر بعض القصة.
قال ابن خزيمة - بعد أن روى الحديث من طريق عبد الله بن نافع -: الأسواق: حائط بالمدينة.
وقال: أخبرنا أبو طاهر، نا أبو بكر، قال: سمعت يونس يقول: ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر أنه مسح على الخفين في الحضر غير هذا. (١/ ٩٤).
• عن بُرَيدة بن الحصيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على فيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه! فقال: "عمدًا