للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنّها سبتت بالدِّباغِ، أي لانت.

وأمَّا ما رُوي عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي، أنَّه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتي كِظَام قومٍ - وفي لفظٍ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى كِظامةَ. يعني - ميضأة - فتوضّأ ومسح على نعليه وقدميه. فهو حديثٌ معلولٌ رواه أبو داود (١٦٠) قال: حدَّثنا مسدد، وعباد بن موسى، قالا: حدَّثنا هُشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه.

ورجاله ثقات، غير عطاء - والد يعلى، وهو العامري -، فهو مجهولٌ كما قال ابن القطَّان، وفي "التقريب" "مقبول، أي إن توبع، وحيث لم نجد له متابعًا فهو ليِّن الحديث، مع اختلاف فيه؛ فقد رواه أحمد (١٦١٥٨) من حديث شعبة، قال: حدَّثني يعلى، عن أبيه، ولفظه: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ ومسح على نعليه، ثمَّ قام إلى الصلاة".

وخالفه حمَّاد بن سلمة؛ فلم يقل: (عن أيه)، وإنَّما رواه عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس، قال: "رأيت أبي توضَّأ فمسح على نعليه، فقلت: أتمسح على النعلين؟ فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عليهما".

ومن هذا الوجه رواه الإمام أحمد (١٦١٦٥) وابن حبَّان (١٣٣٩).

قال البيهقي: "فيه انقطاع، وهذا إسناد غير قوي".

قلت: وهو يشير إلى الانقطاع بين يعلى بن عطاء، وبين أوس بن أبي أوس، وقوله: غير قوي - إشارة إلى مخالفة حمَّاد بن سلمة لهشيم وشعبة، وفي إسنادهما والد يعلى، وهو مجهولٌ كما سبق.

والخلاصة فيه كما قال الحازمي (٦٢ - ٦٣): "لا يُعرف هذا الحديث مجوَّدًا متَّصلًا إلَّا من حديث يعلى بن عطاء، وفيه اختلافٌ أيضًا، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه". وقال أيضًا: "ومع هذا الاضطراب لا يمكن المصير إليه، ولو ثبت كان منسوخًا كما قاله هشيم".

وأمَّا تعقيب ابن التركماني على البيهقي، بأنَّه أخرجه ابن حبَّان في صحيحه، فالاحتجاج به كافٍ .. فالصواب أنَّه ليس بكافٍ؛ لأنَّ فيه والد يعلى وهو مجهولٌ كما سبق، وابن حبَّان اشتهر بتوثيق المجاهيل كما هو معروف.

كذلك ما رُوي عن ابن عباس، أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ مرَّة مرَّة، ومسح على نعليه. فلا يصحُّ.

رواه البيهقي (١/ ٢٨٦) وقال: هكذا رواه رواد بن الجراح، وهو ينفرد عن الثوري بمناكير، وهذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري، دون هذه اللفظة، وروي عن زيد بن الحباب، عن الثوري هكذا، وليس بمحفوظ. انتهى.

وكذلك لا يصحُّ ما رُويَ عن علي بن أبي طالب، أنَّه دعا بِكُوز من ماءٍ، ثمَّ توضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثمَّ مسح على نعليه، ثمَّ قال: هكذا وضوء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، للطاهرِ ما لم يُحِدث. رواه ابن خزيمة (٢٠٠) والبيهقي (١/ ٧٥). فإنَّ في إسناده إبراهيم بن أبي الليثِ، وهو متروك الحديث كما

<<  <  ج: ص:  >  >>