من حديث أيوب، كلاهما - أعني خالد وأيوب - عن أبي قِلابة، عن عمرو بن بُجدان، عن أبي ذرٍّ، فذكره مختصرًا هكذا. وتفصيله ما ذكره أبو داود: قال أبو ذرٍّ: اجتمعت غُنيمةٌ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أبا ذرٍّ أأبدُ فيها"، فبدوتُ إلى الربذة، فكانت تصيبني الجنابةُ، فأمكث الخميس والسبت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أبو ذرٍّ"، فسكتُّ، فقال: ثكلتك أمك أبا ذرٍّ! ، لأمك الويل! "، فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بعسٍ فيه ماء فَسَرتْني بثوب، واستترتُ بالراحلة واغتسلتُ، فكأنِّي أَلْقَيتُ عني جبلًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصعيد الطيب ... فذكر الحديث.
قال أبو داود: حديث عمرو بن عون (وهو شيخ أبي داود) أتمّ. قال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: في الإسناد عمرو بن بُجدان، روي عن أبي ذرٍّ الغفاري وأبي زيد الأنصاري، وعنه أبو قِلابة، قال علي بن المديني: لم يرو عنه غيره. فهو مجهول الحال، إلَّا أن العجلي قال: "بصري تابعي ثقة". "تاريخ الثقات" (ص ٣٦٢). ووثقه أيضًا ابن حبَّان وأخرجه في صحيحه (١٣١١)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ١٧٦) وقال: حديث صحيح.
وتكلم فيه ابن القطان في كتابه "الوهم والإيهام" (٣/ رقم ١٠٧٣) فقال: "هذا حديث ضعيف لا شك". وأطال.
وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٢٤٧): حسنه الترمذي، ولم يرقه إلى الصحة للجهالة بحال عمرو. انتهى.
وقال الحافظ في التلخيص (١/ ١٥٤): وقد وثَّقه العجلي، وغفل ابن القطان، فقال: إنه مجهول. وقال في التقريب: لا يعرف حاله. فتناقض.
وقد رواه أيضًا أبو داود من حديث حماد بن (سلمة) عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن رجل من بني عامر قال: دخلت في الإسلام، فأهمني ديني، فأتيتُ أبا ذرٍّ فقال أبو ذرٍّ: أنِّي اجتويتُ المدينة، فأمرني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذَوْدٍ وبغنم، فقال لي: "اشرب من ألبانها - قال حماد: وأشكُّ في "أبوالها" - فقال أبو ذرٍّ: فكنت أعزُب عن الماء ومعي أهلي، فذكر الحديث.
قال أبو داود: رواه حماد بن زيد عن أيوب، لم يذكر (أبوالها).
وقال أبو داود: هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها إلَّا حديث أنس، تفرد به أهل البصرة. انتهى.
ومال إلى تصحيحه تقي الدين ابن دقيق العيد في الامام قائلًا: هو من العَجِب كون القطان لا يكتفي بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بُجدان، مع تفرده بالحديث، وهو نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح. وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة، أو يصحح له حديثًا انفرد به ... ".
والخلاصة: إنه حديث حسن، وهو أحسن شيء في هذا الباب.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصعيد وُضوءُ المسلم وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين، فإذا وجدَ الماء فليتقِّ الله، وليمسّه بشره؛ فإنَّ ذلك خير".