وإسناده حسن ورجاله ثقات؛ إلَّا جعفر بن مسافر قال فيه النسائي: صالح. وقال أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن حبَّان في الثقات.
وعبد الله بن يحيى البُرلُّسي - بضم الموحدة والراء، وتشديد اللام المضمومة وبعدها مهملة: - من رجال الصحيح. قال أبو حاتم: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.
وتابعهما عند الدارقطني (١/ ١٧٧) فقال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن عتاب، نا الحسن بن عبد العزيز الجروي، نا عبد الله بن يحيى المعافري، نا حيوة بإسناده مثله. ولم يتكلم عليه الدارقطني بشيء.
إلَّا أن بعض الحفاظ جعلوه موقوفًا على ابن عمر، ولم أجد له وجها يحمله على الوقف؛ فإنَّ الحديث يوافق ما رواه أبو جهيم بن الحارث.
فالذي يجب أن يحكم عليه بالنكارة والضعف هو الحديث الذي يرويه محمد بن ثابت العبدي، قال: أخبرنا نافع، قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته، فكان من حديثه يومئذ أن قال: مرّ رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكة من السكك، وقد خرج من غائط أو بول، فسلَّم عليه، فلم يردّ عليه، حتَّى إذا كاد الرجل أن يتواراي في السكة ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثمَّ ضرب أخرى فمسح ذراعيه، ثم ردّ على الرجل السلام وقال: "إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك السلام إلَّا أنِّي لم أكن على طهره. (سنن أبي داود: ٣٣٠).
قال تقي الدين ابن دقيق في الإمام: ورُدَّت هذه الرواية بالكلام في محمد بن ثابت، فعن ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين. وقال البخاري: خولف في حديثه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا في التيمم، وخالفه أيوب وعبد الله وغيرهم فهانوا: عن نافع، عن ابن عمر فعله. انتهى.
قلت: وكذلك رواه مالك في الموطأ (٩٠، ٩١) عن نافع أنَّه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجُرُف، حتَّى إذا كان بالمربد نزل عبد الله فتيمّم صعيدًا طيبًّا، فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلَّى. وفي رواية عنده: أن ابن عمر كان يتيمّم إلى المرفقين.
فالنكارة في رواية محمد بن ثابت العبدي أنَّه ذكر ضربتين والمسح إلى الذراعين. إلَّا أن البيهقي يرى أن حديث ابن عمر الأوَّل يكون شاهدًا لحديث ابن عمر الثاني، ولا منافاة بينهما، فقد قال رحمه الله:
وقد أنكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي، فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنَّما هو التيمم فقط، فأما هذه القصة فهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشهورة برواية أبي الجُهيم بن الحارث بن الصِّمة وغيره، وثابت عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر أن رجلًا مرَّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبول، فسلم عليه، فلم يردّ عليه. رواه مسلم (٣٧٠). إلَّا أنه قصر بروايته ورواية يزيد بن الهاد عن نافع أتمّ من ذلك.
ثمَّ روى حديث أبي داود عن جعفر بن مسافر إلى آخره، وقال: فهذه الرواية شاهدة لرواية