بأجوبة منها ما ذكره الترمذي.
ومنها: ما ذكر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٨٤): "فالذي ينبغي الدخول في الفجر في وقت التغليس، والخروج منها في وقت الإسفار، على موافقة ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى". انتهى.
وتعقب بأن عائشة تقول: "فينصرف النساء مُتَلفِّعاتٍ بمروطهنَّ ما يُعرفنَ من الغلسِ".
ومنها: ما ذكره الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين.
"وهذا بعد ثبوته إنما المراد به الاسفار دوامًا لا ابتداءً، فيدخل فيها مُغلسًا، ويخرج منها مُسفرًا كما كان يفعله - صلى الله عليه وسلم -، فقوله موافق لفعله لا مناقض له، وكيف يُظن به المواظبة على فعل ما الأجر الأعظم في خلافه". انتهى. وهو قريب مما قاله الطحاوي.
ومنها: أنَّ قوله: "أسفِرُوا بالفجر". مرويٌّ بالمعنى، والأصل أصبحوا بالصبح كما في رواية أبي داود.
قال الجزري: أي: "صلوها عند طلوع الصبح، يقال: أصبح الرجل إذا دخل في الصبح". انتهى.
قال السيوطي في حاشية النسائي: "وبهذا يعرف أن رواية من روى هذا الحديث بلفظ: "أسفِرُوا بالفجْرِ" مروية بالمعنى، وأنه دليل على أفضلية التغليس بها، لا على التأخر إلى الأسفار". انتهى.
انظر: مرعاة المفاتيح (١/ ٣٢٢).
ومنها: أنهم لما أمروا بالتعجيل ففهم البعض منهم الفجر الأول فأمروا بالاسفار إلى الفجر الثاني الذي هو وقت صلاة الصبح.
ومنها: أن المراد به الليلة المقمرة، فإن الصبح لا يبين بضوء القمر، فأمِرُوا بالإسفار، أي الإصباح كما قال ابن حبان في صحيحه (٤/ ٣٥٨ - ٣٥٩) بقوله: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أسفِروا" في الليالي المُقمِرة التي لا يتبين فيها وضوحُ طلوع الفجر، لئلا يؤدي المرء صلاة الصُبح إلا بعد التيقن بالإسفار بطلوع الفجر، فإن الصلاة إذا أُدِّيت كما وصفنا كان أعظمَ للأجر من أن تُصلي على غير يقين من طلوع الفجر". انتهى.
ولابد من قبول إحدى هذه التأويلات حتى لا يتعارض فِعلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولَه.
وفي الحديث دليل أيضًا على أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا كان يدخل في صلاة الفجر في الغلس، ويخرج منها في الغلس، كما قالت عائشة، وأحيانًا كان يدخل في الغلس، ويُطيلُ القراءةَ فيخرج منها في الإسفار كما في حديث أبي برزة الأسلمي، وحديث أنس.
تنبيه: حديث رافع بن خديج أصح ما رُوي في الإسفار، وما رُوي عن بلال وقتادة بن النعمان وابن مسعود وأبي هريرة وحواء الأنصارية فبعضها يعود إلى حديث رافع بن خديج، والبقية لا تقوم بها الحجة لضعف فيها. انظر للمزيد: "نصب الراية" (١/ ٢٣٥).