للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبراهيم، قال أبو غسَّان: حدثنا مُعاذ: وقال إسحاق: أخبرنا معاذ بن هشام صاحب الاستوائي، وحدثني أبي، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن مُحَيرِيز، عن أبي محذُورة فذكر الحديث.

قلت: اختلف في أذان أبي محذورة بين تثنية التكبير في أول الأذان وتربيعه.

فأما التثنية فكما ترى رواه مسلم - هكذا في النسخ الموجودة، ولكن قال القاضي عياض: ووقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم "أربع مرات" قاله النووي في شرح مسلمه.

فالظاهر أنه وقع خطأ في النقل، وإلا فجمعٌ من الرواة رووا عن معاذ بن هشام وذكروا فيه التربيع، منهم: ما أخرجه أبو عوانة في مسنده عن علي بن المديني، والبيهقي (١/ ٣٩١) عن عبد الله بن سعد، والنسائي (٢/ ٤٠٥) من طريق إسحاق بن إبراهيم (وهو ابن راهويه شيخ مسلم) فهؤلاء جميعًا رووا عن معاذ بن هشام بالتربيع.

قال ابن القطان: إن الصحيح عن عامر المذكور في هذا الحديث إنما هو التربيع، هكذا رواه عنه جماعة منهم: عفان وسعيد بن عامر وحجاج، وبذلك يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة كما ورد. انتهى. انظر: "نصب الراية" (١/ ٢٥٨).

وكذلك أخرجه أبو داود (٥٠٢) عن همام (ابن يحيى): ثنا عامر الأحول، حدثني مكحول، أن ابن مُحيريز حدَّثه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم علَّمه الأذان تسع عشرة كلمة. والإقامة سبع عشرة كلمة فذكر الأذان بالتفصيل ورواه أيضًا النسائي (٦٣٠) عن همام بن يحيى به إلا أنه اكتفى بقوله: الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، ثم عدَّها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة.

قال ابن عبد البر: "اختلفت الروايات عن أبي محذورة، إذ علَّمه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأذان بمكة عام حنين، فروي عنه فيه تربيع التكبير في أوله، وروي عنه فيه تثنيتُه. والتربيع فيه من روايات الثقات الحُفّاظ، وهي زيادة يجب قبولها، والعمل عندهم بمكة في آل أبي محذورة بذلك إلى زماننا، وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد، انظر: نصب الراية (١/ ٢٥٨).

وأما مالك فذهب إلى تثنية التكبير، ولعل من أدله حديث أبي داود (٥٠٥) عن نافع بن عمر الجمحي، عن عبد الملك بن أبي محذورة، أخبره عن عبد الله بن مُحيريز الجمحي، عن أبي محذورة، وكذا رواه أيضًا النسائي (٦٢٩) عن بشر بن معاذ قال: حدثني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: حدثني أبي، عبد العزيز وجدي، عبد الملك، عن أبي محذورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقعده فألقى عليه الأذان حَرْفًا حَرْفًا، قال إبراهيم: هو مثلُ أذاننا هذا.

قلت له: أعِد عليَّ فذكر نحوه وثنى فيه: "الله أكبر".

والظاهر أنه وقع فيه غلط من الرواة فإن الصحيح الثابت عن عبد الملك بن أبي محذورة وعبد الله بن محيريز عن أبي محذورة التربيع، واستمر عليه العمل في مكة في آل أبي محذورة وهي تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>