أبو داود (٣٦٤)، والطحاوي (١/ ١٣٩)، والدارقطني (١/ ٢٤٤)، قال أبو داود: هذا الحديث لم يروه عن أيوب إِلَّا حمّاد بن سلمة، وقال الترمذيّ (١/ ٣٩٤)، "هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روي عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع، عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث كما سبق، وقال: وروى عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن نافع أن مؤذنا لعمر أذَّن بليل، فأمره عمر أن يُعيد الأذان، وهذا لا يصح أيضًا، لأنه عن نافع، عن عمر منقطع، ولعل حمّاد بن سلمة أراد هذا الحديث".
وقال:"والصحيح رواية عبد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر، والزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل".
وقال: "ولو كان حديث حمّاد صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنًى، إذ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ" فإنما أمرهم فيما يستقبلُ، فقال:"إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ"، ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذَّن قبل طلوع الفجر لم يقل: إن بلالَّا يؤذِّن بليل" قال عليّ بن المديني: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غير محفوظ، وأخطأ فيه حمّاد بن سلمة". انتهى.
وروى البيهقيّ في "الكبري (١/ ٣٨٣) عن شيخه أبي عبد الله الحاكم، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: سمعت أبا بكر المطرز، يقول: سمعتُ محمد بن يحيى يقول: حديث حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن بلالًا أذَّن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر".
وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا شعيب بن حرب، قال: قلت لمالك بن أنس: إن الصبح ينادي لها قبل الفجر فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن بلالًا يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا" قلت: أليس قد أمره النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الأذان؟ قال: لا، لم يزل الأذان عندنا بليلٍ، وقال ابن بكير: قال مالك: لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصّلاة فإنا لم نر ينادي لها إِلَّا بعد أن يحل وقتها".
"نصب الراية" (١/ ٢٨٥).
قال الترمذيّ: "وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل، فقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن المؤذِّن بالليلِ أجزأه، ولا يعبده، وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: إذا أذَّن بليلٍ أعاد. وبه قال سفيان الثوري". انتهى.
وممن ذهب إلى أن الأذان قبل الفجر لا يجوز: أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأحسن ما استدل له حديث حمّاد بن سلمة، وقد عرفت أنه لا يصح، ومن أدلته ما رواه أبو داود (٥٣٤) قال: حَدَّثَنَا زهير بن حرب، حَدَّثَنَا وكيع، حَدَّثَنَا جعفر بن بُرقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "لا تؤذِّن حتَّى يستبين لك الفجر هكذا" ومدَّ يديه عرضًا.