للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال المصنف رحمه الله تعالى (أي البخاريّ) وتابعه عليّ بن المبارك. وهذه المتابعة وصلها المصنف في كتاب الجمعة (٩٠٩) فقال: حَدَّثَنَا عمرو بن عليّ، قال: حَدَّثَنِي أبو قُتَيبة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، لا أعلمه إِلَّا عن أبيه، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا تقوموا حتَّى ترونيّ، وعليكم السكينةُ" وتابعهما معاوية بن سلّام كما ذكره أبو داود (٥٣٩) فقال: ورواه معاوية بن سلّام وعلي بن المبارك عن يحييّ، وقالا فيه: "حتَّى تروني وعليكم السكينة".

وهذه الرواية المعلقة وصلها الإسماعيلي من طريق الوليد بن مسلم، عن معاوية بن سلّام وشيبان جميعًا عن يحيى. انظر: "فتح الباري" (٢/ ١٢١).

ومعنى قوله: "وعليكم السكينة" أي لا يزاحم بعضكم بعضًا عند القيام إلى الصّلاة، فيحاول من هو بعيد من الصف الأوّل أن يُسرع من غير مبالاة من المدافعة والمزاحمة فإن ذلك يخالف الوقار.

وبَيَّن ابن رشيد معني آخر وهو قوله: "والنكتة في النهي عن ذلك لئلا يكون مقامهم سببًا لإسراعه في الدخول إلى الصّلاة، فينافي مقصوده من هيئة الوقار". انظر: "فتح الباري".

وحديث جابر بن سمرة وحديث أبي هريرة وحديث أبي قتادة يعارضه حديث بلال أنه كان يؤذِّن إذا دحضت، ولا يقيم حتَّى يخرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا خرج أقام الصّلاة حين يراه، ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث:

بأن بلالًا كان يراقب خروج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من حيث لا يراه غيره، أو إِلَّا القليل، فعند أول خروجه يُقيمُ، ولا يقوم الناس حتَّى يروه، ثمّ لا يقوم مقامه حتَّى يعدلوا الصفوف.

وقوله في حديث أبي هريرة: "فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يأخذ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - "رواه أبو داود (٥٤١) بإسناد صحيح، وفيه الوليد بن مسلم قد صرَّح بالتحديث، فيحمل هذا على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان في المسجد.

أو أنه فعل ذلك مرة أو مرتين لبيان الجواز، وإلَّا فالأصل فيه أن لا تقام الصّلاة إِلَّا إذا خرج الإمام لئلا يطول عليهم القيام، لأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه كما قال القاضي عياض وغيره.

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم مني يقوم الناس للصلاة، ومتى يكبر الإمام؟ فمذهب الشافعي رحمه الله تعالى وطائفة: أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتَّى يفرغ المؤذن من الإقامة، ونقل القاضي عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء: أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس يقوم إذا قال المؤذن: "قد قامت الصّلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون: يقومون في الصف إذا قال: "حيَّ على الصّلاة فإذا قال: "قد قامتِ الصّلاة" كبَّر الإمام، وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يكبر الإمام حتَّى يفرغ المؤذن من الإقامة".

<<  <  ج: ص:  >  >>