ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الترمذيّ: "وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه، واسمه "نجيح" مولى بني هاشم، قال محمد: لا أروي عنه شيئًا. وقد روى عنه الناس".
قلت: نَجيح هو ابن عبد الرحمن السنديّ ضعيف عند جمهور أهل العلم.
ولكن قال ابن عدي: "حدّث عنه الثّقات، ومع ضعَّفه بكتب حديثه".
إِلَّا أنَّ الحديث قد جاء من وجه آخر وهو ما رواه الترمذيّ (٣٤٤) عن الحسن بن أبي بكر المروزيّ، حَدَّثَنَا المعلى بن منصور، حَدَّثَنَا عبد الله بن جعفر المخزوميّ، عن عثمان بن محمد الأخنسيّ، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكره. قال الترمذيّ: "حسن صحيح".
ونقل عن البخاريّ أنه قال: "حديث عبد الله بن جعفر المخزوميّ، عن عثمان بن محمد الأخنسيّ، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة أقوى من حديث أبي معشر وأصح".
قلت: فيه عثمان بن محمد الأخنسي مختلف فيه، فوثقه ابن معين والبخاريّ، وضعّفه النسائيّ.
أظن هذا التضعيف ليس على إطلاقه، وإنما وقع ذلك في أحاديثه عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
قال ابن المديني: "رُوي عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أحاديث مناكير".
وحديثنا هذا ليس من رواية سعيد بن المسيب، ولعله لذلك حكم عليه الترمذيّ بأنه حسن صحيح. وللعلماء فيه كلام كثير، وهذه خلاصته.
فإذا ضُم هذا بالذي قبله يُحسن؛ لأنه ليس في حديثه ما ينكر عليه.
وهذا حكم خاص لأهل المدينة ومن على خطّهم شمالًا وجنوبًا، فإنَّ قبلتهم بين المشرق والمغرب.
وأمّا ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" فالصحيح أنه موقوف على عمر، فقد رواه جماعة منهم حمّاد بن سلمة وزائدة ابن قدامة ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر من قوله. كما قال البيهقيّ (٢/ ٩).
فقد رواه الدَّارقطنيّ (١٠٦١)، والحاكم (١/ ٢٠٦) وعنه البيهقيّ (٢/ ٩) من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن مجبر، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث.
وقد سئل أبو زرعة عن هذا الحديث، فقال: "هذا وهم، الحديث حديث ابن عمر موقوف" العلل لابن أبي حاتم (٥٢٨). وقال البيهقيّ: تفرّد به ابن مجبر.
ولكن للحديث إسناد آخر وهو ما أخرجه الدَّارقطنيّ (١٠٦٠)، والحاكم وعنه البيهقيّ من طريق يعقوب بن يوسف الواسطيّ، عن شعيب بن أيوب، ثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، (فذكر الحديث).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشّيخين، فإن شعيب بن أيوب ثقة، وقد أسنده".