وفي الباب ما رُوي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ منكم: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فانتهى إلى آخرها {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين. ومن قرأ:{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فانتهى إلى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فليقل: بلى. ومن قرأ:{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} فبلغ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فليقل: آمنا بالله".
قال إسماعيل: ذهبتُ أعيد على الرجل الأعرابي وأنظر لعله؟ ! فقال: يا ابن أخي، أتظن أني لم أحفظه؟ لقد حججتُ ستين حجّة ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه.
رواه أبو داود (٨٨٧) - واللفظ له -، وأحمد (٧٣٩١)، والترمذي (٣٣٤٧) مختصرًا كلّهم من حديث سفيان، قال: حدثني إسماعيل بن أمية، قال: سمعت أعرابيا يقول: سمعت أبا هريرة يقول (فذكره).
قال الترمذي:"إنما يروى بهذا الإسناد عن الأعرابي ولا يسمي".
قلت: علة هذا الحديث جهالة الأعرابي الذي لم يسم.
وإن قال ابن كثير في "تفسيره": وقد رواه شعبة، عن إسماعيل بن أمية، قال: قلت له من حدّثك؟ قال: رجل صدق عن أبي هريرة، فهو على كل حال مجهول.
ورواه الحاكم (٢/ ٥١٠) من وجه آخر عن إسماعيل بن أمية، عن أبي اليسع، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} قال: بلى. وإذا قرأ:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} قال: بلى.
وقال: صحيح الإسناد.
وأبو اليسع قال فيه الذهبي في "الميزان": "مجهول". ولعله هو الأعرابي نفسه كما في الإسناد الأول.
ويستفاد من هذا الباب أنه يستحب للإمام والمأموم السؤال عند المرور بآية فيها ذكر الرحمة والجنة، والتعوذ عند المرور بآية فيها ذكر العذاب والنار، والتسبيح عند قراءة آية فيها التنزيه والتسبيح، وهو قول الشافعية كما نقله النووي في "شرح مسلم".
وقيده بعض أهل العلم بصلاة النافلة وهم الحنابلة، وقالوا: ولا يستحب ذلك في الفريضة؛ لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فريضة مع كثرة من وصف قراءته فيها. انظر: المغني (١/ ٦٣٢).