وقوله: "ولكن هذا يكون" إشارة إلى الرفع.
وأما ما رواه الطبراني في الأوسط (٤٠١٩) من حديث يونس بن بكير، قال: حدثنا الهيثم بن علقمة، عن عطية بن قيس بن ثعلبة، عن الأزرق بن قيس، قال: رأيت عبد الله بن عمر وهو يعجن في الصلاة، يعتمد على يديه إذا قام.
فقلت: ما هذا يا أبا عبد الرحمن؟ قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجن في الصلاة - يعني يعتمد" فقوله: "يعجن" منكر.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم، تفرد به يونس بن بكير".
قلت: يونس بن بكير مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
ولكن شيخه الهيثم بن علقمة "مجهول" ولم يتابعه أحد على قوله: "يعجن".
وقد روي ذلك أيضًا عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام في صلاته وضع يديه على الأرض كما يضع العاجن".
قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط: "هذا الحديث لا يصح، ولا يعرف، ولا يجوز أن يحتج به". وقال النووي في "شرح المهذب": هذا حديث ضعيف، أو باطل لا أصل له".
ذكره الحافظ في "التلخيص" (٣٩٢) (١/ ٤٢٣) وأطال الكلام فيه، فليراجعه من شاء.
وأما الاعتماد على اليدين في النهوض، فقال مالك والشافعي: السنة أن يعتمد على يديه في النهوض؛ لأنّ مالك بن الحويرث وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ثم اعتمد على الأرض". كذا ذكره ابن قدامة في "المغني" (١/ ٢١٣ - ٢١٤).
وأما الإمام أحمد فنقل عنه أنه لا يعتمد على يديه سواء جلس جلسة الاستراحة أو لم يجلس" انتهى.
وقال ابن هانئ: "سألت أبا عبد الله: الرجل ينهض على يديه في الصلاة؟ قال: لا ينهض على يديه إلا أن يكون شيخًا كبيرًا، فينهض على يديه. ولينهض على صدور قدميه".
ثم قال: "رأيت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) ربما يتوكّأ على يديه إذا قام في الركعة الأخيرة، وربما استوى جالسًا، ثم ينهض". مسائل الإمام أحمد (١/ ٥٤).
وقال النووي في "شرح المهذب" (٣/ ٤٤٤): وقد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب أن يقوم معتمدًا على يديه، وحكى ابن المنذر هذا عن ابن عمر ومكحول وعمر بن عبد العزيز، وابن أبي زكرياء والقاسم بن عبد الرحمن ومالك وأحمد".
وأما ما رُوي عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على صدور قدميها فهو ضعيف.
رواه الترمذي (٢٨٨) عن يحيى بن موسى، حدثنا أبو معاوية، حدثنا خالد بن إلياس، عن صالح مولى التواق، عن أبي هريرة فذكر مثله.
قال الترمذي: "خالد بن إلياس ضعيف عند أهل الحديث، ويقال خالد ابن إياس أيضًا".