للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورواه أبو داود (٩٧٠)، والدارقطني (١٣٣٣)، وصحّحه ابن حبان (١٩٦٢) كلّهم من حديث الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيديّ، وأخذ ابن مسعود بيد علقمة، وأخذ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بيد ابن مسعود، فعلَّمه التّشهد كما ذكره الأعمش: "إذا قلت هذا، أو قضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئتَ أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد".

هكذا قال أبو داود، وقال ابن حبان: قال عبد الله بن مسعود: "فإذا فرغت من هذا فقد فرغت من صلاتك، فإن شئت فاثبت، وإن شئت فانصرف".

فاختلف أهل العلم في هذه الزيادة، هل هي مرفوعة أو موقوفة على عبد الله بن مسعود؟ .

فذهب الدارقطني إلى أن مَنْ جعله مِنْ كلام ابن مسعود أشبه بالصّواب، وذكر عللها وتبعه في ذلك البيهقيّ.

وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (٢/ ١٧٤، ١٧٥): "لا تعلل بها رواية من رفع؛ لأن الرّفع زيادة مقبولة على ما عرف من مذاهب أهل الفقه والأصول. فيحمل على أن ابن مسعود سمعه من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فرواه كذلك مرة، وأفتى به مرة أخرى، وهذا أولى من جعل كلامه، إذ فيه تخطئة الجماعة الذين وصلوه".

قلت: وفي حال ثبوته مرفوعًا فيه دلالة على أن الصّلاة على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في التّشهد غير واجبة، وهو رأي جمهور أهل العلم من المحدثين والفقهاء إِلَّا الشافعي ورواية عن أحمد فإنهما ذهبا إلى وجوبها. وسيأتي الكلام على هذه المسألة في الباب الذي يليه.

شرح ألفاظ الحديث:

قوله: "التشهد" سُمّي بالتشهد للنطق بالشهادة بالوحدانية والرسالة.

قوله: "إنَّ الله هو السلام" معناه أن السّلام اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه السالم من النقائص، وسمات الحدوث، ومن الشريك والنِّدّ.

قوله: "التحيات" جمع تحية وهي المِلك، يقال: حيَّاك الله - أي ملَّكك. كذا في "مختار الصحاح".

قال النوويّ: "التحيات جمع تحية وهي الملك، وقبل البقاء، وقيل العظمة، وقيل الحياة، وإنما قيل التحيات بالجمع، لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تحييه أصحابه بتحية مخصوصة، فقيل: جميع تحياتهم الله تعالى، وهو المستحق لذلك حقيقة". انتهى.

قوله: "فليقل التحيات لله": قال الخطّابي: "فيه إيجاب التّشهد؛ لأن الأمر على الوجوب". انتهى.

قلت: وإليه ذهب جمهور المحدثين بأن التشهدين واجبان، وذهب أبو حنيفة ومالك وجمهور الفقهاء إلى أنهما سنَّتان، وقال الشافعي: الأوّل سنة، والأخير واجب.

تشهد ابن عباس:

• عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمنا التّشهد كما يُعَلِّمنا السورة

<<  <  ج: ص:  >  >>