هذه الروايات كلها في صحيح مسلم من أوجه عن أبي هريرة.
• عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل: "ما تقول في الصلاة؟ " قال: أتشهَّدُ ثم أسألُ الله الجنةَ، وأعوذ به من النار. أما والله! ما أُحْسِنُ دَندنتك ولا دندنة معاذ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "حولها نُدَنْدِنُ".
صحيح: رواه ابن ماجه (٩١٠، ٣٨٤٧) عن يوسف بن موسى القطَّان، قال: حدثنا جرير (ابن عبد الحميد) عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده صحيح، صحَّحه أيضًا ابن خزيمة (٧٢٥) فرواه عن يوسف بن موسى به مثله، وابن حبان (٨٦٨) فرواه من طريق جرير بن عبد الحميد به مثله.
وأما أبو داود (٧٩٢) فرواه عن عثمان بن أبي شيبة، ثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سليمان، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله. ورجاله ثقات.
وقوله: ما أحسن دندنتك - أي مسألتك الخفية. والدندنة: أن يتكلم الرجل بكلام نسمع نغمتُه، ولا يفهم، وهو أرفع من الهينمة قليلًا، والضمير في "حولها" للجنة أي حول تحصيلها، أو للنار - أي حول التعوذ من النار، كذا في "النهاية" (٢/ ١٣٧).
• عن ابن عباس قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورةَ من القرآن، يقول: "قولوا: اللَّهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنَّم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (٥٩٠) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن أبي الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس ... فذكره.
قال مسلم: بلغني أن طَاوسًا قال لابنه: أدعوتَ بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك. لأن طَاوسًا رواه عن ثلاثة، أو أربعة. أو كما قال.
قال النووي: ظاهر كلام طاوس أنه حمل الأمر به على الوجوب، فأوجب إعادة الصلاة لفواته. وجمهور العلماء على أنه مستحب ليس بواجب، ولعل طاوُسًا أراد تأديب ابنه، وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه" انتهى.
وممن ذهب إلى عدم وجوبه الإمام البخاري فإنه بوَّب بقوله: "باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب" واستدل لذلك بحديث عبد الله بن مسعود: "ثم يتخيَّرُ من الدعاء أعجَبَه إليه فيدعو" فإنه بصرف صيغة الأمر في قوله: "فليستعذ بالله من أربع" من الوجوب إلى الندب، وبه قال جمهور العلماء.
وكذلك الصّلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد، إلا أن الشافعي قال بوجوبه بعد التشهد.