للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: عمرو بن أبي سلمة من أهل الشام، وعبد الملك بن محمد الصنعاني أيضًا من أهل الشام، ونسبته الصنعاني ليس لصنعاء اليمن، وإنما لأهل صنعاء دمشق.

وقد ذُكر هذا الحديث لابن معين فقال: "عمرو بن أبي سلمة، وزهير ضعيفان لا حجة فيهما":

وسئل أبو حاتم عن هذا الحديث الذي رواه عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد فقال: "هذا حديث منكر. وهو عن عائشة موقوف". العلل لابن أبي حاتم (١/ ١٤٨).

قلت: خلاصة أقوال أهل العلم في هذا الإسناد أنه ضعيف عند ابن معين والبخاري وأبي حاتم والدارقطني وغيرهم.

وصحيح عند ابن خزيمة وابن حَبَّان والحاكم وابن الملقن وغيرهم، ويقوي ما ذهب إليه هؤلاء ما سبق، وعمل عائشة. وهو ما رواه ابن خزيمة والحاكم وغيرهما عن وهيب بن خالد، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، أنها كانت تسلم تسليمة واحدة.

وتابعه يحيى بن سعيد عند ابن خزيمة (٧٣٢)، وعبد الوهاب بن عبد المجيد عنده وعند البيهقي (٢/ ١٧٩) كلاهما عن عبيد الله، عن القاسم، قال: رأيت عائشة تسلِّم واحدة. هذا لفظ يحيى.

وزاد عبد الوهاب بن عبد المجيد في حديثه: "ولا تلتفت عن يمينها ولا عن شمالها".

ورواه ابن خزيمة أيضًا من طريق وهيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان يسلم واحدة: "السلام عليكم".

فهذا الموقوف عن عائشة ليس بمعارض للمرفوع، بل مقوٍّ له لاختلاف مخارجه، وما كانت عائشة تخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي ترى كل يوم كيف يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها.

ولكن إن صحَّ ما قالت فإنه يحمل على صلاة الليل.

وأما في المفروضة والسنن الراتبة فيجب فيها التسليمة الثانية كما قال الإمام أحمد. لأن الذين رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التسليمتين رووا ما شاهدوه في الفرض في المسجد وهم أكثر.

وأما جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة فقالوا: الثانية سنة ويجوز الاقتصار على واحدة.

قال ابن خزيمة (١/ ٣٦٠): "باب إباحة الاقتصار على تسليمة واحدة من الصلاة. والدّليل على أن تسليمة واحدة تجزئ، وهذا من الاختلاف المباح، فالمصلي مخيّر بين أن يسلِّم تسليمة واحدة، وبين أن يسلم تسليمتين كمذهب الحجازيين". ثم أخرج حديث عائشة من طريق زهير بن محمد المكي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها.

وقال البيهقي في سننه (٢/ ١٨٠): وروي عن جماعة من الصحابة أنهم سلموا تسليمة واحدة، وهو من الاختلاف المباح، والاقتصار على الجائز، وبالله التوفيق".

قلت: ومن هؤلاء: أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر. رواه عنهما ابن أبي شيبة.

• عن ابن عمر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْصِلُ بين الوتر والشَّفْع بتسليمةٍ، ويُسْمِعُناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>