للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمّا ما قاله ابن حبان في الثقات (٨/ ٤٣٧): "يعتبر حديثه إذا روى، وبين السّماع في روايته وكان فوقه ودونه ثقات" ففيه إشارة إلى أنه مدلس. ولذا أورده الحافظ ابن حجر في "تعريف أهل التقديس" (رقم ٨٦). في المرتبة الثالثة من المدلسين، وهم الذين أكثروا من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرَّحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقًا، ومنهم من قبلهم.

والتحقيق أنّ عبيدة بن الأسود لم يكن معروفًا بالتدليس، ولذا لم يذكره الذهبي والحلبي والعلائي من المدلسين، كما لم يصفه أحد قبل ابن حبان بالتدليس، كما هو نفسه صحَّح هذا الحديث، فأخرجه في صحيحه (١٧٥٧) عن الحسن بن سفيان، حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، عن عبيدة بن الأسود به مثله.

وصحَّح هذا الإسناد البوصيريّ في زوائد ابن ماجه فقال: "إسناده صحيح ورجاله ثقات".

وفي الإسناد أيضًا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي قال فيه أبو حاتم: "شيخ لا أرى في حديثه إنكارًا"، وقال الدارقطني: "صالح يعتبر به"، وذكره ابن حبان في الثقات.

وحديث ابن عباس في هذا الباب من أمثل الأحاديث، وفي الباب أيضًا عن عبد الله بن عمرو وأنس وأبي أمامة وطلحة.

فأما حديث عبد الله بن عمرو فهذا لفظه: "ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاةً. من تقدم قومًا وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دِبارًا - والدبار: أن يأتيها بعد أن تفوته - ورجل اعتبد محرره".

رواه أبو داود (٥٩٣)، وابن ماجه (٩٧٠) كلاهما من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، عن عمران بن عبد المعافري، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

وفيه عبد الرحمن بن زياد وشيخه عمران ضعيفان.

وأما حديث أنس: "لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة: رجل أمَّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، ورجل سمع حيَّ على الفلاح ثم لم يجب" فهو ضعيف. رواه الترمذي (٣٥٨) عن عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى الكوفي، حدثنا محمد بن القاسم الأسدي، عن الفضل بن دَلْهَم، عن الحسن قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول فذكر الحديث.

قال الترمذي: حديث أنس لا يَصح، لأنه قد رُوي هذا الحديث عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل. وقال أيضًا: "ومحمد بن القاسم تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعَّفه وليس بالحافظ". انتهى.

قلت: وهو كما قال، فقد حكى البخاري عن أحمد أنه كذَّبه، وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: "أحاديثه موضوعة، ليس بشيء"، وأما ابن معين فوثَقه في بعض الروايات، والحجة لمن علم على من لم يعلم.

وكذلك حديث أبي أمامة، رواه الترمذي (٣٦٠) عن محمد بن إسماعيل، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا أبو غالب قال: سمعتُ أبا أمامة يقول: قال رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>