أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بأن يتقدم أو يتكلم، ويدل عليه حديث معاوية، وحديث التنحي وإن لم يثبت ففي حديث معاوية "أن يخرج" قريب منه. فمن اشتغل بعد السلام بالأذكار المأثورة فإن ذلك يكفي، وعليه جمهور أهل العلم لقوله في حديث معاوية:"أو يتكلم".
وقال الحنفية: لا بأس أن يتطوع قبل الذكر المأثور في مكانه عقب الفرائض فإن السلام يفصل بينهما.
وأما الإمام فكره الجمهور أن يتطوع في مكانه بعد صلاته وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وإسحاق ورُوي ذلك عن علي وغيره. وما رواه البخاري عن نافع قال:"كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة" كان مأمومًا لا إمامًا.
وفيه إشارة إلى أن البخاري يرجح للمأموم أن يصلي في مكانه.
قلت: وهو الذي قال به الجمهور على أن يفصل بالأذكار المأثورة، أو الكلام كما تقدم، وبه كان يأمر ابن عباس كما رواه عطاء عنه أنه كان يأمر إذا صلى أحد المكتوبة، أن يتكلم أو يتقدم، وروي مثل هذا عن ابن عمر أنه كان يكره أن يصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة حتى يتقدم أو يتأخر أو يتكلم.