بلالًا فأقام الصلاة، فصلَّى للناس ركعة. فأخبرتُ بذلك الناسَ، فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ قلت: لا إلا أن أراه فمرَّ بي، فقلت: هذا هو، فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله.
صحيح: رواه أبو داود (١٠٢٣)، والنسائي (٦٦٤) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدثنا الليثُ - يعني ابن سعد - عن يزيد بن أبي حبيب، أن سويد بن سعيد أخبره عن معاوية بن خُديج فذكر مثله.
وإسناده صحيح، ومعاوية بن خُديج - بضم الحاء وفتح الدال، صحابي صغير أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهرين، وكان ممن صلى وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة المغرب فسها فيها النبي، - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم في الركعتين، رواها الحاكم (١/ ٢٦١) من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب فذكر مثله.
قال الحاكم: اختصره الليث بن سعد، عن ابن أبي حبيب، ثم روى من طريقه وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين، وهو من النوع الذي يطلبان للصحابي متابعًا في الرواية على أنهما جميعًا قد خرَّجا مثل هذا".
وصححه أيضًا ابن خزيمة (١٠٥٢، ١٠٥٣) فروي من وجهين عن الليث بن سعد مختصرًا، وعن يحيى بن أيوب مفصلا كما قال الحاكم.
وقال رحمه الله تعالى: "هذه القصة غير قصة ذي اليدين، لأن المعْلِم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سها في هذه القصة طلحةُ بن عبيد الله، ومخبرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك القصة ذو اليدين، والسهوُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين إنما كان في الظهر أو العصر، وفي هذه القصة إنما كان السهوُ في المغرب لا في الظهر ولا في العصر.
وقصة عمران بن حصين قصة الخِرباق قصة ثالثة، لأن التسليم في خبر عمران من الركعة الثالثة، وفي قصة ذي اليدين من الركعتين، وفي خبر عمران دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - حجرته ثم خرج من الحجرة، وفي خبر أبي هريرة، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خشبة معروضة في المسجد، فكل هذه أدلة على أن هذه القصص هي ثلاث قصص، سها النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّة فسلَّم من الركعتين، وسها مرة أخرى فسلَّم في ثلاث ركعاتٍ، وسها مرةً ثالثة فسلَّم في الركعتين من المغرب، فتكلَّم في المرات الثلاث، ثم أتمَّ صلاته". انتهى
فقه الحديث:
قوله: "وأمر بلالًا فأقام الصلاة" الظاهر منه إقامة الصلاة المعروفة، وكذلك بوَّبه أيضًا النسائي، وأوَّل البعضُ بأن المقصود منه إعلام الناس بالصلاة، لا الإقامة المعروفة.
قلت: الإقامة المعروفة أيضًا المقصود منها الإعلام بالصلاة فلا حاجة إلى تأويل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -.