للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرسلوني به إلى عائشةَ، فقالت أمُّ سلمةَ رضي الله عنها: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهي عنها، ثمَّ رأيتُه يُصلِّيهما حينَ صلَّى العصرَ، ثمَّ دَخَل عليَّ وعنِدي نِسوةٌ من بني حَرام منَ الأنصار فأرسلتُ إليهِ الجاريةَ فقلت: قومي بجَنبهِ قولي لهُ: تقولُ لكَ أمُّ سلمة يا رسولَ الله سمعتُكَ تنهي عن هاتَين وأراكَ تُصلِّيهما، فإن أشارَ بيدِه فاستأخِري عنهُ، ففعلَتِ الجاريةُ، فأشارَ بيده، فاستأخرَتْ عنهُ، فلما انصرَفَ قال: يا ابنَةَ أبي أميَّةَ! سألتِ عن الركعتين بعدَ العصر، وإنه أتاني ناسٌ من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتَين بعدَ الظهر، فهُما هاتانِ".

متفق عليه: رواه البخاري في كتاب السهو (١٢٣٣)، ومسلم في المسافرين (٨٣٤) كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير، عن كريب فذكر مثله.

وفي رواية النسائي (٥٨٠) وغيره من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها بعد العصر ركعتين مرة واحدة، وأنها ذكرت ذلك له فقال: "هما ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر فشُغِلتُ عنهما حتى صليت العصر" ومثله رواه أيضًا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها.

والروايات الصحيحة كلها تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - أول ما صلاها صلاها قضاءً ثم أثبتها لنفسه بعد العصر فإنه - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أثبتها كما ذكرت عائشة في الحديث السابق والمثبت مقدَّم على النافي، ثم لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يواظب عليهما إلا في بيت عائشة ويُحمل عليه أيضًا حديث ابن عباس وهو وإن كان ضعيفًا: "إنما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر؛ لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يَعُد لهما".

فيحمل النفي على علم الراوي فإنه لم يطَّلِع على ذلك، والمثبت مقدم على النافي كذا قال الحافظ ابن حجر.

قلت: وحديث ابن عباس رواه الترمذي (١٨٤) عن قتيبة، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكر الحديث.

وعطاء بن السائب مختلط، وجرير بن عبد الحميد ممن سمع منه بعد الاختلاط، ورواه أيضًا ابن حبان (١٥٧٥) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء بن السائب به، ووالد حميد وهو عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي، وهو وإن كان ثقة من رجال مسلم إلا أنه سمع منه بعد الاختلاط أيضًا.

لقد نصَّ النسائيُّ على أن رواية حماد بن زيد وشعبة، وسفيان عنه جيدة. ومنهم من زاد الرابع وهو: حماد بن سلمة وهو مختلَف فيه. انظر: "الكواكب النيرات" رقم (٣٩)، فاختلف أهل العلم في تأويل حديث عائشة، وقد ثبت النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس.

فذهب الجمهور إلى أنه خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، لحديث أم سلمة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>