مرسلًا لا يضر من رواه موصولًا، قال ابن دقيق العيد في "الإمام": "حاصل ما أعِلَّ به الإرسال، وإذا كان الرافع ثقة فهو مقبول" "نصب الراية" (٢/ ٣٢٤).
وصحّحه أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: "من تكلم فيه فما استوفى طرقه" "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٦٧٢)، وقال أيضًا: "وقد صحّحه من صحّحه من الحفاظ، وبينوا أن رواية من أرسله لا تنافي الرواية المسندة الثابتة" "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٣٢٠) انظر للمزيد: "شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه" (٣/ ٣٥٧).
• عن أنس بن مالك قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلَّى بين القبور.
صحيح: رواه ابن حبان (١٦٩٨، ٢٣١٥، ٢٣١٨)، وأبو يعلى (٢٨٨٨) والبزار "كشف الأستار" (٤٤٢)، عن حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن، عن أنس فذكره.
وفيه الحسن البصري، وهو مدلس، وقد عنعن إلا أن رواية ابن حبان له يطمئن به القلب؛ لأنه قال في مقدمة كتابه الصحيح (١/ ١٦١): "فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بين السماع فيه لا أبالي أن أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر".
ثم إنه لم ينفرد به بل توبع عليه، فإن الحديث له أسانيد أخرى ذكرها البزار منها: من طريق عبد الله بن الأجلح، عن عاصم، عن أنس فذكر مثله، ومنها عن أبي معاوية، عن أبي سفيان يعني السعدي، عن ثُمامة، عن أنس فذكر مثله، وهذه المتابعات تقوي رواية الحسن.
وفي الباب ما روي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصَلَّى في سبع مواطن: في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله.
رواه الترمذي (٣٤٦)، وابن ماجه (٧٤٦) كلاهما من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، نا يحيى بن أيوب، عن زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله.
قال الترمذي: "ليس إسناده بذلك القوي، وقد تُكلِّم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه". انتهى.
قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا البيهقي (٢/ ٣٢٩) وقال: تفرد به زيد بن جَبيرة. انتهى.
وزيد بن جبيرة هذا قال فيه البخاري: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا متروك الحديث، لا يكتب حديثه"، وقال الساجي: "حدَّث عن داود بن الحصين بحديث منكر جدًّا" يعني هذا الحديث.
ثم قال الترمذي: "وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
وقال: حديث داود عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه، وأصح من حديث الليث بن سعد. وعبد الله بن عمر العمري ضعَّفه بعض أهل الحديث من قِبل حفظه، منهم يحيى بن سعيد القطان" انتهى.