عن أنس، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوتر بتسع ركعات، فلما أسنَّ وثقل أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيهنّ بالرحمن والواقعة. قال أنس: ونحن نقرأ بالسور القصار {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: ١]، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ونحوهما.
رواه ابن خزيمة (١٠٧٩) من طريقين عن عمارة بن زاذان، عن ثابت، به. فإنه لم يتابع على هذه الرواية.
ولذا قال البيهقي (٣/ ٣٣): "وخالف عمارة بن زاذان في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما سائر الرواة" ونقل عن البخاري أنه قال: عمارة بن زاذان ربما يضطرب في حديثه.
وقد رُوي أيضًا عن أنس بن مالك، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس ويقرأ في الركعة الأولى بأمّ القرآن، و {إِذَا زُلْزِلَتِ}، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. رواه البيهقي (٣/ ٣٣) وغيره عن بقية بن الوليد، عن عتبة بن أبي حكيم، عن قتادة، عن أنس، فذكره.
وبقية بن الوليد مدلّس وقد عنعن، وعتبة بن أبي حكيم ضعيف. وأعلّه البيهقيّ بعتبة بن أبي حكيم، وأبي غالب الذي في حديث أبي أمامة.
• عن ثوبان قال: كُنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: "إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلّا كانتا له".
حسن: رواه الطبراني في الكبير (٢/ ٨٧)، والبزار "كشف الأستار" (٦٩٢) كلاهما من حديث عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن ثوبان فذكره.
وعزاه الهيثمي في "المجمع" (٢/ ١٦٣) إلى البزار وحده، وهو تقصير منه، ثم عزاه مرَّةً أخرى (٢/ ٢٤٦) إلى الكبر والأوسط ولم يعز إلى البزار وفيه تقصير أيضًا، وقال في الموضعين: "فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، واختلف في الاحتجاج به"، وقال في الموضع الثاني: "وفيه كلام".
قلت: وهو كما قال، ولكنه توبع، فقد رواه الدارمي (١٦٠١)، وابن خزيمة (١١٠٦)، وابن حبان (٢٥٧٧) كلهم من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن شريح بن عيد، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، به مثله.
ولكن سقط في صحيح ابن حبان "عن أبيه" بين عبد الرحمن بن جبر وين ثوبان، وهو لابد منه كما في المصادر الأخرى.
وكذلك اختلف لفظ الدارمي من قوله: "هذا السفر" إلى "هذا السهر" وأَعتقد أنه أيضًا خطأ.
وبهذه المتابعة ارتفع الحديث إلى درجةِ الصحيح لغيره.
وفي الحديث دليل على أن أداء الركعتين بعد الوتر لا كراهية فيه.
قال ابن خُزيمة: "إن الصلاة بعد الوتر مباحة لجميع من يريد الصلاة بعده، وأن الركعتين اللتين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصليهما بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا